وفيه أن بناء القوة والضعف إنما هو بحسب الدلالة ، لا كونهما بحسب المنطوق والمفهوم ، فإن كثيرا من المفاهيم أقوى دلالة من العمومات والاطلاقات ، لكثرة شيوع التخصيص ، حتى قيل : ( ما من عام إلا وقد خص ) ، ولا يكاد يوجد مفهوم لا دلالة فيه . مع أن دلالة العام من حيث العموم ضعيفة ، ودلالة الخاص من حيث أنه خاص قوية سيما أن يكون قويا في نفسه مثل : مفهوم الحصر ، و الموافقة ، بل الشرط ، والعدد ، والغاية ، كلها قوية . وتخصيص القرآن بخبر الواحد فيه نزاع مشهور : حجة المانع : أن قطعية متن الكتاب لا يقاومها شئ ، وورد في الأخبار الكثيرة : إن ما خالف القرآن فاتركوه . وحجة المجوز أن الكتاب خوطب به المشافهون ، فلعلهم كانوا مطلعين على قرينة بها كانوا يفهمون ، والحجة ما هم كانوا يفهمون ، كما مر ، فلا بد لنا من بذل الجهد في تحصيل أماراتهم ، وأسباب فهمهم ، و ربما كان الخبر الواحد كاشفا عن بعض منها . لكن الانصاف أنه بعد لا يخلو عن إشكال ، إلا أن يكون ذلك الخبر معمولا به عند الأصحاب ، أو يعضده شئ آخر يكون مثل عمل الأصحاب في القوة . فتأمل ، وشهرة العمل منهم كافية أيضا . فتأمل . هذا إذا كان لعموم القرآن قوة ووضوح تام مثل قوله تعالى : وأحل