ومقتضاه صحة العقد الذي يجب الوفاء به ، والحرام لا يجب الوفاء به ، لكونه تعالى يعاقب بفعله ، فكيف يعاقب بترك الوفاء به ؟ فالظاهر أن أهل العرف يفهمون التنافي بين هذين . فتأمل . وكذا الكلام في أوفوا بالعهد . وأما تجارة عن تراض فهو مستثنى عن أكل الأموال المنهي عنه ، فمعناه : أن هذا ليس بحرام ، فهو نقيض صريح لقوله تعالى : حرم . [1] والحاصل : أن المنهي عنه ليس له مقتض للصحة ، فلا يمكن الحكم بالصحة ، وقد عرفت أن عدم المقتضي كاف لعدم الصحة ، مضافا إلى أصالة بقاء الحكم السابق ، ولو كان له مقتض للصحة غير ما ذكرنا لم يكن النهي مانعا عن الصحة . نعم هو مناف لخصوص المقتضيات المذكورة . فالفرق بين ما نحن فيه وبين العبادات : أن النهي هنا مناف لهذه المقتضيات ، لا لنفس الصحة ولا لمقتض آخر لا يكون مثل هذه ، وأن اقتضاءه الفساد إنما هو في هذه الصورة لا مطلقا ، وأنه لا يقتضي الفساد واقعا ، بل غايته عدم حكمنا بالصحة واقعا ، والحكم بالفساد ظاهرا استصحابا للحالة السابقة ، بخلاف العبادات فإنه يقتضي الفساد فيها دائما وواقعا لاستحالة الاجتماع ، ومنافاته لنفس الصحة هناك .
[1] ف : حرام ، والظاهر أن المصنف رحمه الله يريد ب ( لقوله تعالى : حرام أو حرم ) مفاد قوله تعالى : ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا ان تكون . . الآية . . النساء : 29 .