تحصيل الحكم الشرعي بطريق ظني فالتقييد بالظن هو المنشأ ، مع أن القيد هو الظن المعتبر شرعا لا غير ، كما لا يخفى . مع أنه لا وجه لتخصيصهم إياه بغير المعتبر ، مع أن الحكم بكون الأول اجتهادا دون الثاني تحكم ، وكذا كون الثاني اجتهادا حلالا دون الأول . الرابع : أن لفظ العلم والظن من موضوعات الاحكام ، فيكون المرجع فيه إلى العرف واللغة - كما اعترفوا بذلك ، وصرحوا به - فلا وجه لجعل الأول علما ، سيما الحكم بكون خاصة علما دون الثاني ، وما الدليل على ذلك ؟ وما المرخص ؟ مع أن تغيير اللفظ بمجرد الجعل لا يصير منشأ لاختلاف الحكم ، فإن تسمية الخمر خلا لا يصير منشأ لحليتها . نعم لو ثبت الحلية في موضع فهي خمر حلال في خصوص الموضع ، لا أنه ليس بخمر لأنه حلال . الخامس : إن أرادوا أن الظن من حيث هو ظن حجة عند الأخباريين ، فيرجع هذا إلى الوهم الثاني الذي ذكرناه في الفائدة السابقة ، و سنبطله مشروحا في ( الفائدة التاسعة ) ، مع أن نسبة هذا إلى الأخباريين في غاية الغرابة ؟ وإن أرادوا أنه ليس بحجة حتى يدل على حجيته دليل ، وقد دل ، واعتمادهم على ذلك الدليل فهو بعينه طريقة المجتهدين ، لا طريقتهم قطعا . واعتذر بعضهم أيضا أن مراد الأخباريين من العلم هو العلم العادي ، فيجتمع مع تجويز النقيض ، واستدلوا بقول السيد رحمه الله في تعريفه : إنه ما تطمئن إليه النفس . وفيه نظر أيضا من وجوه : الأول : أن العلم العادي مساو للعقلي في المنع عن النقيض ، إلا أنه بملاحظة العادة ، وتجويزه للنقيض من حيث نفسه مع قطع النظر عن العادة .