ألا ترى أنّا نرجع إلى وجداننا فنجد جزماً بثقة كثير من رواتنا وعلمائنا الذين لم يوثّقهم أحد ؛ لما بلغنا من آثارهم المفيدة للقطع بثقتهم ، وقد تواترت الأخبار في حجّيّة خبر الثقة ( 1 ) . وقد حكى في غاية المأمول عن شيخنا البهائي في بعض تحقيقاته قبول تزكية غير الإمامي للإمامي إذا كان عدلا ؛ تعويلا على أنّ الفضل ما شهد به الأعداء ، وعدم قبول الجرح من غير الإمامي ( 2 ) . وربّما توهّم منه التفصيل بين تزكية الإمامي للإمامي فاعتبار التزكية من باب اعتبار الخبر ويكفي عدل واحد ، وغيره من تزكية الإمامي غير الإمامي ، وتزكية غير الإمامي لغير الإمامي ، وتزكية الإمامي لغير الإمامي ، فاعتبار التزكية من باب اعتبار الشهادة ؛ فلابدّ من عدلين . وليس بشيء ؛ حيث إنّه لو اكتفي بعدل واحد في التزكية من غير الإمامي فيكتفي به في التزكية من الإمامي قطعاً ، مع أنّ الشهادة لابدّ فيها من الإيمان إلاّ نادراً ؛ فلا تكفي تزكية غير الإمامي إذا كانا عدلين لغير الإمامي . على ( 3 ) أنّ الكلام المذكور تفصيل في حال غير الإمامي بين تعديله وجرحه ، ولا يكون تفصيلا في قبول التزكية . نعم ، لو فصّل بقبول تزكية غير الإمامي إذا كان عدلا دون غيره ، لكان دالاًّ على التفصيل المتوهّم من كلامه ، فلا دلالة في كلامه على التفصيل المذكور بوجه . لكن نقول : إنّ الكلام المذكور مبنيّ على عموم العدالة لغير الإمامي كما هو الأظهر ؛ لوجوه حرّرناها في الرسالة المعمولة في " ثقة " . لكن مَن اشترط العدالة
1 . وسائل الشيعة 20 : 113 ، الفائدة الثانية عشرة . 2 . قاله في مشرق الشمسين : 40 . وحكى السيّد الصدر في نهاية الدراية : 130 عن البهائي في بحث حواشي على الزبدة اعتبار تزكية العدل المخالف . 3 . في " د " : " على " بدل " إلاّ " .