فالمقصود بالتزكية في العنوان إنّما هو توثيق الإمامي ، ولا يجري النزاع وكذا لا يطّرد في توثيق غير الإمامي ، وكذا المدح من الإمامي ، فضلا عن غير الإمامي . وأيضاً النزاع إنّما هو وارد مورد المتعارف من كون المزكّي من أهل الخبرة كما هو المُتداول في تزكية الرواة من أهل الرجال ، فلا يجري النزاع بل لا يطّرد في التزكية من غير أهل الخبرة . وأيضاً الظاهر أنّ مرجع النزاع إلى النزاع في كفاية الظنّ ولزوم تحصيل العلم أو ما يقوم مقامه ، أعني شهادة العدلين ، فمَنْ يقول بعدم كفاية التزكية من عدل واحد ولزوم كون التزكية من عدلين لابدّ أن يقول بعدم كفاية سائر ما يفيد الظنّ بالعدالة أيضاً . فما يظهر من صاحب المعالم - من القول بثبوت عدالة الراوي بالاختبار والصحبة المتأكّدة بحيث تظهر أحواله ويطّلع على سريرته حيث يكون ذلك ممكناً وهو واضح ، ومع عدمه باشتهارها بين العلماء وأهل الحديث وشهادة القرائن المتكثّرة المتعاضدة مع قوله بعدم كفاية تزكية عدل واحد ( 1 ) - كما ترى . إلاّ أن يقال بوقوع الاتّفاق على حجّيّة الظنّ الحاصل من الاختبار والاشتهار ، لكنّه ينكر جواز الاطّلاع على وقوع الإجماع في أمثال هذه الأعصار مع وجود القول بلزوم تحصيل العلم في باب العدالة كما حرّرناه في محلّه . وإن كان المقصود به حصول العلم ، فلا بأس به ، لكنّه خلاف ظاهر العبارة . إلاّ أن يقال : إنّ الظاهر من الظهور في المقام هو العلم ، لكنّه إنّما يتمُّ فيما أُخذ فيه الظهور ، أي في باب الاختبار . وأمّا كلامُه في باب الاشتهار وشهادة القرائن ، فظاهره الظنّ ، ولم يؤخذ فيه الظهور . فقد ظهرَ فساد ما صنَعَه في المعارج ، حيث إنّه منعَ المنع عن كفاية التزكية من