العدالة ( 1 ) وإن جرى كلٌّ منهما في موضعين آخَرين - نقلا - على اعتبار العلم في العدالة ( 2 ) . والظاهر أنّ الحال على هذا المِنوال لو كانت العدالة هي الاجتناب المستمرّ ، كما هو المقصود بالقول بكون العدالة هي نفس الاجتناب ، وهو الأظهر كما حرَّرناه في محلّه . نعم ، لو كان المَدار على إفادة الوثاقة بالمعنى اللغوي ، فيمكن حصول العلم بالوثاقة ولو تباعد مَنْ يوثَّق عصراً عن عصر الموثِّق . والأوجه أن يقال : إنّ الظاهر أنّ التوثيق من قدماء أرباب الرجال - كالفضل بن شاذان ، وعليّ بن الحسن بن فضّال ، وابن عقدة وغيرهم ممّن كان الظاهر ملاقاته مع الموثّق وكان عصره مُقارباً لعصره بحيث كان حصول العلم بالوثاقة لمن يرتكب التوثيق سهلا - مبنيٌّ على العلم ، بناءً على كون المقصود إفادة الوثاقة بالمعنى اللغوي ، وإلاّ فاستكشاف العدالة بالعلم محلّ الإشكال ولو كان مَنْ يرتكب التوثيق يُلاقي الموثَّق . ولا إشكال في الإشكال لو كانت العدالة من باب المَلكة ، بل على هذا المِنوال الحال لو كانت العدالة هي نفس الاجتناب كما سمعت . وعلى ما ذُكر يجري الأمر إن كان التوثيق في كلام غير القدماء من المتوسّطين والمتأخّرين بالنسبة إلى مَنْ كان يعاصرهم ، أو كان بعيداً عن عصرهم ، لكن كانت وثاقته في غاية القوّة من جهة الاشتهار أو غيره . ولعلّ من هذا الباب الموثّقُ بتكرار التوثيق ، أعني " ثقة ثقة " كما اتّفق كثيراً في كلام النجاشي ( 3 ) ، حيث إنّه ظاهر في العلم ولو كان الموثّق بعيد العصر عن عصر
1 . مختلف الشيعة 8 : 500 ، المسألة 77 ؛ ذكرى الشيعة 4 : 101 . 2 . مختلف الشيعة 8 : 435 ، المسألة 40 ؛ ذكرى الشيعة 4 : 391 . 3 . رجال النجاشي : 22 / 31 ، و 62 / 147 ، و 73 / 175 .