بأداء الشهادة قبل الاستنطاق وطلب الحاكم إيّاه من الشاهد يمنع عن القبول ( 1 ) . وهذا العنوان - أعني التبرّع بالشهادة - مشهور معروف ، إلاّ أن يقال : إنّ الغرض الاستشهاد ولو من غير المتبرّع ، وفي مقام المرافعة يتّفق الاستشهاد لا محالة ، فالتبرُّع لا يُنافي الاستشهاد . لكن نقول : إنّه ربّما لا يكون شاهد في البين ولم يستشهد الحاكم وتبرّع المتبرّع ، فالتبرّع هنا يُنافي اعتبار الاستشهاد . بل يمكن القول بأنّ الظاهر من اعتبار الاستشهاد إنّما هو الاستشهاد عن المخبر ، فالتبرّع هنا ينافي اعتبار الاستشهاد . ويقال : إنّه اعتبر كون الشهادة عند الاستشهاد ، لا كونها بعد الاستشهاد ، وهذا لا ينافي التبرّع . نعم ، مقتضى كلام السيّد السند المحسن الكاظمي اعتبار كونها بعد الاستشهاد ( 2 ) ، وهذا يُنافيه التبرّع ، بناءً على ظهوره في الاستشهاد عن المخبر ، لا في الجملة ولو عن غير المخبر . لكن نقول : إنّ الظاهر من اعتبار كون الشهادة عند الاستشهاد هو كونها عند الاستشهاد عن المخبر كما مرّ ، لا في الجملة ولو من غير المخبر ، فالتبرّع يُنافي اعتبار الاستشهاد . وأيضاً : في كثير من موارد الشهادة - بناءً على عموم حجّيّتها بل مطلقاً - لا يتأتّى الاستشهاد ، كما في الشهادة بالطهارة أو النجاسة أو غيرهما . وأيضاً : الاستعلام لا يُنافي صدق الخبر ، بل لا إشكال في الصدق مع سبق الاستعلام . وأيضاً : اعتبار الاستشهاد يستلزم الدور ؛ لعدم معرفة الاستشهاد إلاّ بالشهادة ، والمفروض اعتبار الاستشهاد في تعريف الشهادة .
1 . كالشهيدين في اللمعة والروضة 2 : 134 . 2 . عدّة الرجال 1 : 171 .