كيف ! ؟ والأمر على ذلك بمنزلة أن يقال : " زيد قائم على ظنّي " . والظاهر الاتّفاق على خروجه عن الإخبار كما مرّ ، ولا إشكال في خروجه عن الشهادة . ويبتني على الخلاف المشار إليه النزاع المعروف في باب كفاية تزكية الراوي من عدل واحد ، أو لزوم التزكية من عدلين . بل نقول : إنّ مرجع النزاع المذكور إلى النزاع في كفاية الظنّ أو لزوم تحصيل العلم أو ما يقوم مقامه ، أعني البيّنة . فمَنْ يقول بعدم كفاية التزكية من عدل واحد ولزوم التزكية من عدلين - بناءً على كون التزكية من باب الشهادة - لابدّ أن يقول بعدم كفاية سائر ما يفيد الظنّ بالعدالة . فما يظهر من صاحب المعالم من القول بثبوت عدالة الراوي بالاختبار والصُحبة المتأكّدة - بحيث تظهر أحواله ويطَّلع على سريرته حيث يكون ذلك ممكناً ، وهو واضح ، ومع عدمه باشتهارها بين العلماء وأهل الحديث وشهادة القرائن المُتكثّرة - مع قوله بلزوم التزكية من عدلين ( 1 ) ، إن كان المقصود به حصول الظنّ من الاختبار - كما هو ظاهر الاشتهار - فهو كما ترى ، إلاّ أن يدّعي الإجماع على كفاية الظنّ الحاصل من الاختبار أو الاشتهار . ولكنّه ينكر جواز الاطّلاع على وقوع الإجماع في هذه الأعصار مع وجود القول بلزوم تحصيل العلم في باب العدالة ، كما عن العلاّمة في المختلف - بعد أن حكى عن ابن الجنيد : أنّ كلّ المسلمين على العدالة إلى أن يظهر ما يزيلها ، من أنّه يُشعر بجواز إمامة المجهول حاله إذا عُلم إسلامه - : " والمعتمد المنع إلاّ بعد العلم بالعدالة ؛ لأنّ الفِسق مانعٌ ، فلا يخرج عن العُهدة إلاّ بعد العلم بالعدالة " ( 2 ) .
1 . معالم الدين : 204 . 2 . مختلف الشيعة 2 : 513 ، المسألة 372 .