في الكذب ، فتُقبل الشهادة حتّى في صورة الظنّ بالمخالفة ، وما كان احتمال الُمخالفة من جهة احتمال الخطأ والاشتباه ، فيُشترط الظنّ بالمطابقة ، أي كون الاحتمال موهوماً . ومرجع التفصيل إلى اشتراط حجّيّة الشهادة بالظنّ بعدم الخطأ والاشتباه ، وحجّيّتها في صورة الظنّ بالكذب . وتحرير ما استدلّ به بأنّ مقتضى ما دلَّ على تصديق العادل بل المؤمن مثل قوله ( عليه السلام ) : " كذِّب عينَكَ وبَصركَ عن أخيك " ( 1 ) عدم اعتبار احتمال الكذب حتّى في صورة كونه مظنوناً . وأمّا احتمال الخطأ والاشتباه ، فالدليل على عدم اعتباره إنّما هو طريقة العقلاء ، وإنّما هي تختصّ بصورة كون الاحتمال موهوماً ؛ حيث إنّها قد استقرّت على عدم الاعتناء باحتمال الاشتباه في صورة كون الاحتمال موهوماً ، ولا يتجاوز عنها ، فلابدّ من الاقتصار على ما تقتضيه طريقة العقلاء . أقول : إنّ ما استدلّ به سيّدنا على عموم اعتبار حجّيّة البيّنة - من إطلاق ما دلّ على قبول البيّنة - ينقدح بأنّ المقصود بالإطلاق المذكور إن كان هو إطلاق النبوي المعروف - أعني قوله ( صلى الله عليه وآله ) : " البيّنة على المدّعي ، واليمين على من أنكر " ( 2 ) - كما هو الظاهر ، ففيه - بعد أنّه يختصّ ذلك بالقاضي في مقام القضاء ، ولا يطّرد في حقّ غير القاضي ، ولا في حقّ القاضي في غير مقام القضاء . والنزاع في المقام لا يختصّ بالقاضي في مقام القضاء ، بل يعمّ غير القاضي والقاضي في غير مقام القضاء ؛ إلاّ أن يقال : إنّه يتمّ المرام بعدم القول بالفصل ، بل لو ثبت عموم اعتبار البيّنة في مقام القضاء فيتأتّى عموم الاعتبار في غير مقام القضاء بالأولويّة - : أنّ الإطلاق المذكور وارد مورد الإجمال ، ومثله ما دلّ على أُمّهات المعاملات ، فضلا
1 . ثواب الأعمال : 295 . 2 . سنن البيهقي 10 : 252 ، كتاب الدعاوى والبينات .