لا يخرج عن القياس بالأولويّة الظنّية . وما استند إليه في الاحتمال الثاني من الاحتمالين المذكورين مدخول بأنّ المدار في مفهوم الموافقة على كون اطّراد حكم الموضوع المذكور في غيره ممّا كان أولى منه ، أو مساوياً له ، أو أدنى منه مفهوماً في العرف من باب الكناية والتنبيه بالخاصّ على العام ، وإن قيل بعدم اطّراد الحكم في المساوي والأدنى ، بل لعلّه المشهور . وأين ما ذُكر من انفهام اعتبار الاستفاضة ممّا دلّ على اعتبار البيّنة . وبالجملة ، فالأمر دائر في الشهادة بين كونها حجّة بشرط الظنّ ، وكونها حجّة مع الشكّ بل مع الظنّ بالخلاف تعبُّداً . [ عدم حجّيّة البيّنة مع العلم بالخلاف ] وربّما ادّعى بعض قضاة الزور ، وأتباع خلفاء الجور ممّن غرّته الحياة الدنيا وغرّه بالله الغرور : حجّيّة البيّنة مع العلم بالخلاف ؛ غروراً ممّا سمع عن بعض من حجّيّة البيّنة مع العلم بالخلاف . فأنكر عليه بعض أهل العلم فقال له : أنت لا تفهم ، وربّما استجار الصوم والصلاة وقال : إنّى أعلم أنّه لا يأتي بالصوم والصلاة ، لكن شهدت البيّنة بعدالته ، بل ربّما أراد الحكم بالقتل عفا الله سبحانه عنه . ولنعم ما قيل : فويلٌ ثمّ ويلٌ ثمّ ويلٌ * لقاضي الأرض من قاضي السماء وكيف كان فصرّح بالأوّل بعض الأعلام استناداً إلى أنّ التعويل على البيّنة في الحكم وغيره موجب لمخالفة الأصل ، واللازم فيما خالف الأصل الاقتصار على المتيقّن . وهو صورة استفادة المظنّة من البيّنة ؛ لوضوح أنّ الغالب استفادة المظنّة من العادل الواحد فضلا عن العدلين ، فما يدلّ على الحكم بالبيّنة والتعويل عليها ينصرف إليه ، فتبقى صورة عدم استفادة المظنّة خالية عمّا يدلّ على الحجّيّة ، فلا يسوغ التعويل عليها ، بل ربّما تظهر منه دعوى الإجماع على ذلك ، ولعلّه مقتضى