والعاكفين ، وَوَلِّ وجهك شطر كعبة المقصود ، واجب الوجود وخالق الموجود ، وتوجَّه إلى وليّ الخير والجود ، واتّق الله حقّ تقاته ، فإنّه لا يناله إلاّ التقوى ، و ( لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ ) ( 1 ) ، و ( لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاَْخِرِ ) ( 2 ) . وكُنْ كثيرَ الذكر لله سبحانه ، وقد بالَغَ سبحانه في تعظيم ذِكْره حتّى جَعَلَ التسمية في ذبح الهدي من ثمرات الحجّ ؛ فإنّ مقتضاه كلام العِظَم في ذِكْر الله سبحانه ولا تخدعنّك هذه الدار بزبرج غدّار ، فإنّ ما عندَ الله خيرٌ للأبرار ، ( فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَوةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ) ( 3 ) فما متاع الحياة الدنيا إلاّ الغرور وما صفقتها إلاّ خاسرةٌ عندَ أربابِ الشعور ، وإنّما الآخرةُ هي التجارةُ التي لن تبورَ ، وليس قصرُ الطرف على دار العبور إلاّ من قصار القصور ، والركونُ إليها من الجنون ، بل الجنون فنون ، والركونُ إليها من أسوء فنونِ الجنون . ولن تتيسّر لك القوّة القدسيّة إلاّ بكمال التقوى . كيف ، وهذه المرتبة مرتبة النيابة ، ولا تتيسّر لأرباب الشقاوة . فانظر أنّ النيابة تِلو الربوبيّة بتوسّط النبوّة والإمامة ، فصاحب هذه المرتبة لابدّ له من الكمالات النفسانيّة ما يوجب اللياقة للدرجة الثالثة من الدرجات المتعقّبة للربوبيّة . وأنصفْ هل يكون السبع الجامع لجميع النقائص حريّاً لمرتبة تلو الإمامة بلا واسطة ، وتلو الربوبيّة بواسطتين ؟ كلاّ وحاشا . ولو أمكنَ جريان المعجزة على يد الكاذب لأمكن حصول تلك القوّة لغير القابل . وربّما تَحَمَّل شدّةَ المحنةِ في طول المدّة مَنْ لم يتّفق له كمال التقوى ، فلم يتحصّل له تلك القوّة ، بخلاف بعض مَنْ لم يكن له استعداد تلك القوّة ، لكن