بتوسّط التقوى تحصل له القوّة ، وترتّب عليه آثار محمودة وحسن الذكر أبد المدّة ، فالتقوى أمام المقصود ، بل لا مقصود غير هذا المقصود . وبالله من الفتوى والحكم بغير ما أنزل ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئكَ هُمُ الْكَفِرُونَ ) ( 1 ) ( فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَسِقُونَ ) ( 2 ) ( فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّلِمُونَ ) ( 3 ) ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَىَّ مُنقَلَب يَنقَلِبُونَ ) ( 4 ) و ( لِّكُلِّ نَبَإ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ) ( 5 ) . فانظر أنّه كيف يتجاسر غير القابل على العصيان ، وأرباب الزنا واللواط والشرب يخفون العصيان ، وكيف يلعن هذا على عُمَر وهو أسوء حالا منه بمراتب شتّى لا تحصى ؛ لأنّ عُمَر لم يرتكب ما ارتكبه إلاّ بخيال رئاسة وجه الأرض ، وهذا - أعني غير القابل - لم يرتكب ما ارتكبه إلاّ بخيال رئاسة قليلة ، ولا سيّما بعض مَنْ ركب هذا المركب . وكيف يتوقّع هذا التمكين من أرباب الديوان وهو أضعف عنصراً عنهم بمراتب كثيرة أيضاً ؛ لأنّه لم يتمكّن من العصيان إلاّ ما فعله ، وعلى منوال حال ذلك حال الإجازة من الأهل فضلا من غير الأهل استدعاءً لانتشار الاسم وتوجّه الوجوه . ثمّ - العياذ بالله - كيف يتجاسر الإنسان ذو الطغيان بالعيان على عصيان خالق الإنس والجانّ ، ومع هذا يظهر النيابة عن إمام الزمان عليه آلاف التحيّة من الله الرّحيم الرحمن ! ولَعَمْري يهزأ الكفّار من هذه النيابة وهذا الإيمان ، فبئس المطيّة التي امتطَتْ أنفسنا من هواها ، فواهاً لها ، فواهاً لها لِما سوّلَت لها ظنونَها ومُناها وتبّاً لها لجرأتها على سيّدها ومولاها ، آه وانفساه ، آه وانفساه لا تنفس نَفَساً لغير الدنيا ولا تتخاطر على خاطرها الآخرة ، بل كأنّها لا تستشعر بغير الدنيا ولا تعقل .