نام کتاب : الموضوعات نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 9
ونشط غير هؤلاء وهؤلاء آخرون من الزنادقة الذين لم يكونوا برئوا بعد من أثر المجوسية والمانوية والزردشية والمزدكية . كان همهم وضع الحديث لبلبلة الأفكار وإفساد عقائد المسلمين . لقد أحصى المحدثون لبعض فرق الزنادقة وحدهم زهاء أربعة عشر ألف حديث مكذوب على الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام . وأفظع من ذلك وأشنع ما صنعه ثلاثة نفر فحسب هم : أحمد بن عبد الله الجويباري ، ومحمد بن عكاشة الكرماني ، ومحمد بن تميم الفريابي ، الذين وضعوا عشرة آلاف حديث وحدهم ونسبوها زورا إلى النبي الكريم ، ليضلوا بها عن سبيل الله . ولم يكن هؤلاء الثلاثة ، فرسان حلبة خلت من أقران ، بل كان هناك ممن ساواهم ، بل بزهم وضاعون آخرون من أمثال : ابن أبي يحيى بالمدينة ، والواقدي ببغداد ، ومحمد بن سعيد المصلوب بالشام ، ومقاتل بن سليمان بخراسان . لم تكن حركة الوضع وضع الأحاديث المكذوبة على الرسول الكريم حركة ارتجالية عفوية في كل الأحيان ، إنما تطورت إلى حركة مدروسة هادفة ، وخطة شاملة لها خطرها وآثارها . كان من نتائجها المباشرة على العديد من أجيال المسلمين في العديد من أقطارهم ، شيوع ما لا يحصى من الآراء الغريبة ، والقواعد الفقهية الشاذة ، والعقائد الزائفة ، والافتراضات النظرية المضحكة التي أيدتها ، وتعاملت بها ، وروجت لها ، فرق وطوائف معينة ، لبست مسوح الدروشة والتصوف حينا ، والفلسفة حينا ، والعباد والزهاد أحيانا . وجافت في غالب أحوالها السلوك السوي والفكر والعقل السليم ، فضلا عن مجافاتها الصارخة لكتاب الله سبحانه ، وهدى نبيه الكريم عليه والصلاة السلام . إزاء ذلك . وفى بوادر هذا الطوفان وقد أوشك القرن الثاني أن ينتصف
9
نام کتاب : الموضوعات نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 9