نام کتاب : الموضوعات نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 10
قامت أول محاولة جدية لتخليص الأحاديث الصحيحة من مئات الألوف المزيفة . تشوفت نفس أبى جعفر المنصور وكان امرءا تواقا إلى العلم ، حفيا بالعلماء إلى كتاب ينفض الزيف ويبقى على الصحيح . تخير لهذه المهمة مالك ابن أنس الأصبحي ، خيرة أهل الأرض في زمانه علما وتقى ، وإمام دار الهجرة ، وفقيه المسلمين ، وصفوة صلحاء أهل اليمن ، وبقية ملوك حمير . شمر لها الامام الجليل ، وواصل الليل بالنهار . يجمع ويمحص ، ويحقق ويدقق . حتى اجتمعت لديه مائة ألف حديث . انتخب منها عشرة آلاف ونبذ التسعين ألفا . حيث وضح لديه زيفها ، وقام عنده الدليل على وضعها . ثم لم يزل خلال أربعين سنة دأبا يعرض ما انتخب على الكتاب والسنة ، ويقيسها بالآثار والاخبار ، حتى رجعت إلى خمسمائة حديث فقط ، هي كل ما صح لديه من العشرة الآلاف المنتخبة ، بل المائة ألف الأولى . قال الهراس في تعليقه على الأصول : إن موطأه مالك كان اشتمل على تسعة آلاف حديث ، ثم لم يزل ينتقى حتى رجع إلى سبعمائة . وقال عتيق بن يعقوب : وضع مالك موطأه على نحو عشرة آلاف حديث ، فلم يزل ينظر فيه كل سنة ، ويسقط منه ، حتى بقي هذا . فهذا الذي صنعه مالك وجمعه خلال قرابة نصف قرن ، يعد من خير القرون ، بلغ زهاء خمسمائة فحسب ، من مائة ألف . ويا لها من نسبة . ومالك بن أنس هو العلم ناهيك به فضل علم . وفضل تقى . وقرب عهد بعصر الرسالة ، وزمن الصحابة ، وموطن الدين ، ومسرح الاسلام كانت هذه المحاولة . أول محاولة ناضجة ، مستكملة لعناصر البقاء ، لتصنيف الحديث النبوي وجمعه ، وتمييز صحيحه من سقيمه . أما محاولات ابن شهاب الزهري على رأس المائة الأولى ، ثم ابن الماجشون
10
نام کتاب : الموضوعات نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 10