ومن جملة ما أخذه أهل هراة عنه من محاسن سيرته : التبكيرُ بصلاة الصبح ، وأداءُ الفرائض في أوائل أوقاتها ، واستعمالُ السّنن والأدب فيها . ومن ذلك : تسميةُ الأولاد في الأغلب بالعبد ، المضاف إلى اسم من أسماء اللّه تعالى : كعبد الخالق ، وعبد الخلاق ، وعبد الهادي ، وعبد الرشيد ، وعبد المجيد ، وعبد المعز وعبد السلام . إلى غير ذلك مما كان يحثّهم ويدعوهم إلى ذلك ، فتعوَّدوا الجريَ على تلك السنة ، وغير ذلك من آثاره . ثم ذكر بعضَ شيوخه ، ثم قال : أنشدَني أبو القاسم أسعد بن علي البارع الزوزني لنفسه في الإمام ، وقد حضر مجلسه : وقالوا : رأيتَ كعبد الإلهِ * إماماً إذا عَقَد المجلسا ؟ فقلتُ : أما إنني ما رأيْ * تُ ولم يلق قبلي ممن عسى فقالوا : يجيءُ نظيرٌ له * فقلت : كمستقبلٍ مِنْ عَسى قال عبد الغافر : وقرأتُ في " دمية القصر لأبي الحسن الباخرزي " فصلاً في الإمام عبد اللّه الأنصاري ، وذلك أنه قال : هو في التذكير في الدرجة العليا ، وفي علم التفسير أوحد الدنيا . يعظ فيصطاد القلوب بحسن لفظه ، ويمحص الذنوب بيمن وعظه . ولو سمع قسُّ بن ساعدة تلك الألفاظ ، لما خطب بسوق عُكاظ . ثم ذكر بيتين للإمام عبد الله في نظام الملك ، وهما : بِجاهك أدْرَكَ المظلومُ ثارَهْ * ومَنِّك شَادَ بَانِي العدلِ دارَهْ وقبلَك هُنّئَ الوُزراءُ حتَّى * نهضتَ بها فهُنِّئتِ الوزارَهْ ثم قال : وحضرتُ يومًا مجلسه ، بهراة ، مع أبي عاصم الحسين بن محمد بن الفضيلي الهرويّ شيخ الأفاضل بهراة . فلما طاب فؤادُه ، وعرق جوادُه وطنَّت نَقراتُ العازفين في جو السماء ، ودنت الملائكة فتدَلَّت للإصغاء .