الإسلام بهراة ، صاحب القبول في عصره ، والمشهور بالفضل وحُسن الوَعظ والتذكير في دهره . لم يرَ أحد من الأئمة في فنه حلمًا ما رآه عيانًا من الْحِشمَة الوافرة القاهرة ، والرونق الدائم ، والاستيلاء على الخاص والعام ، في تلك الناحية واتْساق أمور المريدين والأتباع ، والغالين في حقه ، والتئام المدارس والأصحاب والخانقاه ، ونواب المجالس ، إلى غير ذلك مما هو أشهر من أن يحتاج إلى الشرح . وكان على حظ تام من العربية ومعرفة الأحاديث والأنساب والتواريخ ، إمامًا كاملاً في التفسير والتذكير ، حَسَن السيرة والطريقة في التصوف ومباشرة التصوف ومعاشرة الأصحاب الصوفية . مظهر السنة ، داعيًا إليها محرضًا عليها . غير مشتغل بكسب الأسباب والضياع العقار ، والتوغل في الدنيا . مكتفيًا بما يباسط به المريدين والأتباع من أهل مجلسه في السنة مرة أو مرتين . حاكمًا عليها حكمًا نافذًا بما كان يحتاج إليه هو وأصحابه من السنة إلى السنة على رأس الملأ . فيحصل على ألوف من الدنانير بها ، وأعداد جمة من الثياب والحلى وغير ذلك . فيجمعها ويفرقها على الخبَّاز ، والبقّال ، والقصَّاب ، وينفق منها موسعًا فيها من السنة إلى السنة ، ولا يأخذ من السلاطين والظلمة والأعوادْ وأركان الدولة شيئًا . وقلَّما يراعيهم . ولا يدخل عليهم ولا يبالي بهم . فبقي عزْيزًا مقبولاً ، قبولاً أتم من الملك على الحقيقةْ ، مطاع الأمر قريبًا من ستين سنة ، من غير مزاحمة ولا فتور في الحال . ومن خصائصه : أنه كان إذا حضر المجلس لبس الثياب الفاخرة ، وركب الدواب الثمينة ، والمراكب المعروفة ، وتكلَّف غاية التكلف ، ويقول : إنما أفعلُ هذا إعزازًا للدَّين ، ورغمًا لأعدائه ، حتى ينظروا إلى عزِّي وتجملي ، فيرغبوا في الإسلام إذا رأوا عزه . ثم إذا انصرف إلى بيته عاد إلى المرقّعة والقعود مع الصوفية في الخانقاه ، يأكل معهم ما يأكلون ، ويلبسُ ما يلبسون ، ولا يتميز في المطعوم والملبوس عن آحادهم . على هذا كان يزجي أيامه . وكل ما نقل عنه من سيرته محمود .