العصر ، واجتمع الناس ، فحرز الجمع مائة ألف ، ورجعنا إلى نهر معلَّى والناس ممتدون من باب البصرة كالشراك إلى الجسر . وكان يومًا مشهودًا . ثم ذكر مجالسه في هذه السنة ، قريبًا مما تقدم بباب بدر . قال : وكان يوم المجلس تغلق أبواب المكان بعد الظهر لشدة الزحام ، فإذا جئت بعد العصر فتح لي ، وزاحم معي من يمكنه أن يزاحم . قال : وفي رمضان ، تقدم إليَّ بالجلوس في دار ظهير الدين صاحب المخزن ، وحضر أمير المؤمنين ، وأذن للعوام في الدخول ، وتكلمت فأعجبهم ، حتى قال ظهير الدين : قد قال أمير المؤمنين : ما كان هذا الرجل آدمي لما يقدر عليه من الكلام ، وذكر مجالسه سنة ثلاث وسنة أربع بنحو ما تقدم . قال : وتكلمت يوم عاشوراء سنة أربع تحت منظرة باب بدر وأمير المؤمنين حاضر ، فقلت : لو أني مثلت بين يدي السدة الشريفة ، لقلت : يا أمير المؤمنين . كن للّه سبحانه مع حاجتك إليه ، كما كان لك مع غناه عنك ، إنه لم يجعل أحدًا فوقك ، فلا ترضى أن يكون أحد أشكر له منك . فتصدق أمير المؤمنين يومئذ بصدقات ، وأطلق محبوسين . قال : وتقدم أمير المؤمنين في هذه السنة بعمل لوح ينصب على قبر الإمام أحمد ، ونقضت السترة جميعها ، وبنيت بآجر مقطوع جديد ، وبني لها جانبان ، وبني اللوح الجديد ، وفي رأسه مكتوب : هذا ما أمر بعمله سيدنا ومولانا أمير المؤمنين الإمام المستضيء بالله . وفي وسطه مكتوب : هذا قبر تاج السنة ، وحيد الأمة ، العالي الهمة ، العالم العابد ، الفقيه الزاهد . زاد القطيعي : الورع المجاهد ، العامل بكتاب الله ، وسنة رسول الله . قال : واستعظم كثير من الناس أمره بكتابة الإمام أحمد على لوحة ، فإن عادة الخلفاء لا يقال لغير الخليفة : إمام الإمام أبي عبد اللّه أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني رحمه الله . وكتب تاريخ وفاته ، وآية الكرسي .