الزحام على حلقتنا كل جمعة . ثم ذكر مجالسه سنة إحدى وسبعين بباب بدر ، وحضور الخليفة عنده غير مرة ، وازدحام الناس من نصف الليل . وكان يعظ هو وأبو الخير القزويني . قال : وبعث إليّ بعض الأمراء من أقارب أمير المؤمنين : والله ، ما أحضر أنا ولا أمير المؤمنين غير مجلسك ، وإنما تلمحنا مجلس غيرك يومًا وبعض يوم آخر . قال : حدثني بعض خدم الخليفة : أن الخليفة حضر يومًا المجلس متحاملاً لمرض حصل له ، ولولا شدة محبتك لما حضر ، لما كان اعتراه من الألم . وحدثني صاحب المخزن ، قال : كتب إليّ أمير المؤمنين في كلام كنت ذكرته : هل وقع ما ذكره فلان بالفرض ؟ فكتب أمير المؤمنين : ما علي ما ذكره فلان مزيد . قال : وكان الرفض في هذه الأيام قد كثر ، فكتب صاحب المخزن إلى الخليفة : إن لم تُقَوِّ يدَ ابن الجوزي لم يطق دفع البدع . فكتب الخليفة بتقوية يديّ ، فأخبرت الناس ذلك على المنبر ، وقلت : إن أمير المؤمنين ، قد بلغه كثرة الرفض ، وقد خرج توقيعه بتقوية يديّ في إزالة البدع ، فمن سمعتموه من العوام ينتقص الصحابة فأخبروني حتى أنقض داره ، وأخلده الحبس ، فإن كان من الوعاظ حفرته إلى المثال ، فانكفّ الناس . قال : وتكلمت يوم عرفة بباب بدر ، فكان مجلسًا عظيمًا ، تاب فيه خلق كثير ، وقطعت شعور كثيرة ، وكان السلطان حاضرًا ، ثم في يوم عاشوراء سنة اثنين وسبعين ، تكلمت بباب بدر ، وامتلأ المكان من السحرَ ، وطلع الفجر وليس لأحد طريق ، فرجع الناس وامتلأت الطرق بالناس قيامًا ، يتأسفون على فوت الحضور ، وقام من يتكلم في المجلس ، فبعث أمير المؤمنين فكتبت ظلامته . قال : وفي جمادى الآخرة عبرت إلى جامع المنصور ، فوعظت فيه بعد