أحدهما : أن الإنسان يبلغه أن الرجل قد عمل الشر فيرضى به ، أو يتمنى أن يعمل مثله ، فهذا شر ما لم يعمل . والثاني : أن الرجل قد لا يشرب الخمر ، فيعجب بنفسه كيف لا يشرب ، فيكون العجب بترك الذنب شر ما لم يعمل . وذكر صاحب سيرة الوزير قال : سمعته يقول في قوله تعالى : " وما تلك بيمينك يا موسى ؟ قال : هي عصاي " طه : 17 ، 18 ، قال : في حمل العصا عظة لأنها من شيء قد كان ناميًا فقطع ، فكلما رآها حاملها تذكر الموت . قال : ومن هذا قيل لابن سيرين رحمه الله : رجل رأى في المنام أنه يضرب بطبل ؟ فقال : هذه موعظة لأن الطبل من خشب قد كان ناميًا فقطع ، ومن أغشية كانت جلود حيوان قد ذبح . وهذا أثر الموعظة . وسمعته يقول في قوله تعالى : " في قلوبهم مرض " البقرة : 15 ، قال : المريض يجد الطعوم على خلاف ما هي عليه ، فيرى الحامض حلوًا ، والحلو مرًا وكذلك هؤلاء يرون الحق باطلاً ، والباطل حقًا . قال : وسمعت الوزير يقول : وقد قرئ عنده " أن رجلاً قال عند رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيكم قال ذاك ؟ فقال الرجل : أنا يا رسول الله ، لم أرد بذلك إلا الخير . فقال صلى الله عليه وسلم رأيت بضعًا وثلاثين ملكاً يبتدرونها " . فطفقت والجماعة عندي أفكر في معنى تخصيص هذا العدد من الملائكة ، فنظرت فإذا حروف هذه الكلمات بضع وثلاثون حرفًا إذا فكك المشدد ، ورأيت أنه من عظم ما قد ازدحمت الملائكة عليها ، بلغوا إلى فك المشدد ، فلم يحصل لكل ملك سوى حرف واحد ، فصعد به يتقرب بحمله . وسمعته يقول في قوله صلى الله عليه وسلم : " وجدت على باب الجنة مكتوباً : الصدقة بعشرة ، والقرض بثمانية عشر " فتدبرت هذا الحصر ، فإذا الفائدة : أن