إلى الخروج الأمر لا القسم فإن من خرج لأجل قسمه ليس كمن خرج لأمر ربه . والثاني : أن المعنى نحن نعلم ما في قلوبكم ، وهل أنتم على عزم الموافقة للرسول في الخروج . فالقسم ههنا إعلام منكم لنا بما في قلوبكم . وهذا يدل منكم على أنكم ما علمتم أن اللّه يطلع على ما في القلوب . والثالث : أنكم ما أقسمتم إلا وأنتم تظنون أنا نتهمكم ، ولولا أنكم في محل تهمة ما ظننتم ذلك فيكم . وبهذا المعنى وقع المتنبي ، فقال : وفي يمينك ما أنت واعده * ما دل أنك في الميعاد متهم وسمعته يقول في قوله تعالى : " أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة " الفرقان : 5 ، قال : العجب لجهلهم حين أرادوا أن يلقى إليه كنز أو تكون له جنة . ولو فهموا علموا أن كل الكنوز له وجميع الدنيا ملكه . أوليس قد قهر أرباب الكنوز ، وحكم في جميع الملوك . وكان من تمام معجزته أن الأموال لم تفتح عليه في زمنه لئلا يقول قائل قد جرت العادة بأن إقامة الدول ، وقهر الأعداء بكثرة الأموالّ ، فتمت المعجزة بالغلبة والقهر من غير مال ، ولا كثرة أعوان ، ثم فتحت الدنيا على أصحابه ، ففرقوا ما جمعه الملوك بالشره ، فأخرجوه فيما خلق له ، ولم يمسكوه إمساك الكافرين ، ليعلموا الناس بإخراج ذلك المال : أن لنا دارًا سوى هذه ، ومقرًا غير هذا . وكان من تمام المعجزات للنبي صلى الله عليه وسلم : أنه لما جاءهم بالهدى فلم يقبل ، سلّ السيف على الجاحد ، ليعلمه أن الذي ابتعثني قاهر بالسيف بعد القهر بالحجج . ومما يقوي صدقه أن قيصر وكبار الملوك لم يوفقوا للإيمان به لئلا يقول قائل : إنما ظهر لأن فلانًا الملك تعصب له فتقوى به ، فبان أن أمره من السماء لا بنصرة أهل الأرض . وقال في قوله تعالى : " فقد كذبوكم بما تقولون " الفرقان : 19 ، قال : المعنى :