الخدمة إلا خرج أو قام عن موضعه ، إلا الوزير فإنه التفت إلى الأفعى وهي تسرح على كمه حتى وقعت على الأرض ، وبادرها المماليك فقتلوها ، ولم يتحرك الوزير عن بقعته ، ولا تغير في هيئته ولا عبارته . وللوزير رحمه الله تعالى من الكلام الحسن والفوائد المستحسنة والاستنباطات الدقيقة من كلام الله ورسوله ما هو كثير جدًا . وله من الحكم والمواعظ والكلام في أصول السنة وذم من خالفها شيء كثير أيضًا . ونذكر هنا بعض ذلك إن شاء الله تعالى . قال ابن الجوزي في المقتبس : سمعت الوزير يقول : الآيات اللواتي في الأنعام " قل : تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم " الأنعام : 151 ، محكمات ، وقد اتفقت عليها الشرائع ، إنما قال في الآية الأولى : " لعلكم تعقلون " وفي الثانية : " لعلكم تذكرون " وفي الثالثة : " لعلكم تتقون " لأن كل آية يليق بها ذلك ، فإنه قال في الأولى : " أن لا تشركوا به شيئًا " والعقل يشهد أن الخالق لا شريك له ، ويدعو العقل إلى بر الوالدين ، ونهى عن قتل الولد ، وإتيان الفواحش لأن الإنسان يغار من الفاحشة على ابنته وأخته ، فكذلك هو ، ينبغي أن يجتنبها ، وكذلك قتل النفس ، فلما لاقت هذه الأمور بالعقل ، قال : " لعلكم تعقلون " ولما قال في الآية الثانية : " ولا تقربوا مال اليتيم " والمعنى : اذكر لو هلكت فصار ولدك يتيمًا ، واذكر عند ورثتك ، لو كنت الموروث له ، واذكر كيف تحب العدل لك في القول . فاعدل في حق غيرك ، وكما لا تؤثر أن يخان عهدك فلا تخن ، فلاق بهذه الأشياء التذكر ، فقال " لعلكم تذكرون " وقال في الثالثة : " وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه " ، فلاق بذلك اتقاء الزلل ، فلذلك قال : " لعلكم تتقون " . قال : وسمعته يقول في قوله تعالى : " فإنك من المنظرين " 38 : 80 . قال :