حضرني ذكرها ، وذكر حكاية عن الوزير ابن العميد : أنه وعد رجلاً النظر في ظلامته ومطله وسوّفه وقال ، سننظر فيها : فقال له بعض أصحابه ، هذا كلام من لا يعرف دبيب الساعات في انخرام السدول ، فانتبه لها ابن العميد ، والآن يتولى رفع ظلامات المتظلمين . قال : ودخل عليه يومًا أبو الفرج عبد الخالق بن يوسف المحدث ، وقال في كلامه : المملوك شيخ من حملة القرآن وأهل العلم ورواة الحديث ، وله وعليه حقوق في المال ، فانظر له وعليه ، مقاطعة شيء من الجانب الغربي ، فليس بيده شيء . فتقدم له الوزير بخمسين دينارًا قبضها في مجلسه ، ثم قال : هذا بعض مالك على بيت المال ، فأدِّ بعض ما عليك لبيت المال . قال : وكنا يومًا عنده والمجلس غاص بولاة الدين والدنيا ، والأعيان الأماثل وابن شافع يقرأ عليه الحديث ، إذ فجأنا من باب الستر وراء ظهر الوزير صراخ بشع وصياح يرتفع ، فاضطرب له المجلس ، وارتاع الحاضرون ، والوزير ساكن ساكت ، حتى أنهى ابن شافع قراءة الإسناد ومتنه . ثم أشار الوزير إلى الجماعة على رسلكم ، ثم قام ودخل إلى الستر ولم يلبث أن خرج ، فجلس وتقدم بالقراءة ، فدعا له ابن شافع والحاضرون ، وقالوا : قد أزعجنا ذلك الصياح ، فإن رأى مولانا أن يعرفنا سببه ، فقال الوزير : حتى ينتهي المجلس . وعاد ابن شافع إلى القراءة حتى غابت الشمس وقلوب الجماعة متعلقة بمعرفة الحال ، فعاودوه ، فقال : كان لي ابن صغير مات حين سمعتم الصياح ، ولولا تعين الأمر علي بالأمر بالمعروف في الإنكار عليهم ذاك الصياح لما قمت عن مجلس رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فعجب الحاضرون من صبره . قال : وحضر يومًا في دار الخلافة بالمرخم من التاج ، فجلس به وحضر أرباب الدولة بأسرهم للصلاة على جنازة الأمير إسماعيل بن المستظهر ، فسقط من السقف أفعى عظيمة المقدار على كتف الوزير ، فما بقي أحد من أرباب الدولة وحواشي