اعتمد ذلك لم يبقَ له وقت لعمل ولا لتجارة ، ولو كان له مال يفي ، فكيف ولا مال يفي ، ولا وقت يتسع لذلك مع كثرة السؤال ؟ فأجاب حنبلي : بأن هذا قياس قولنا فيمن نفر أن يتصدق بجميع ماله : فإنه في اليمين مخيّر بين الثلث ، وكفارة يمين . وفي النذر : يلزمه أن يتصدق بثلث ماله ، فيجب أن يتصدق بثلث ما يتحصل له ، مما يزيد على حاجته . وإن لم يتحصل له ما يحتاج إليه : لم يدخل تحت نذره لزومُه التصدق به ، ويكفر كفارة يمين . قال قائل : يشتري بُرًّا أو حَبَّ رُمان ، ويُعطي كل سائل حبة من ذلك ؟ قال له الحنبلي : هذا لا يجيء على أصلنا لأنا نعتبر المقاصد في الأيمان والنذور ، والقصد : أن لا يردّ سائلاً عن سؤاله . وحبة رمان وحبة بر ليست سؤال السائل ، فإعطاؤه كردِّه . وقال حنبلي : يحتمل أن يصح خروجه من نذره بِبَرّة بُرّ أنَّا قد علّقنا حكم الربا على برة ببرتين . وما علق عليه الشرع مأثمًا ، فأحرى أن يعلق عليه ما يحصل به الثواب . وقول عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم : " اتَّقُوا النارَ وَلَوْ بِشقّ تَمرَة " يعضد القول بالتصدق بالبرَّة . وقال حنبلي آخر : بل إذا لم يجد شيئًا أصلاً وَعَدَ ، فكانت العِدة مخلصة له من الردّ . فإن الردَّ لا يتحقق مع العِدة . ألا ترى أن من وَعَد بزكاة ماله للساعي لا يستحق القتال ، ولا التغرير ، ولا يأثم ؟ ولا يقال : إنه ردَّ الساعي ولا المطالب بدينه ، ولا الفقير . وللحديث الذي جاء : " العِدَةُ دَيْنٌ " وهذه العدة نافعة في منع الحنث ، من حيث إنها لا تقف مع العزم على الإعطاء على التوفية ، بل من وعد فعزم أنه متى حصل له مال أعطى السائل ما سأله فما ردّه . والله أعلم . ومن غرائب ابن عقيل : أنه اختار وجوب الرضى بقضاء الله تعالى في الأمراض والمصائب . ذكره في مواضع من كلامه . لكنه فسر الرضى في