أنه قال : أنا أقطع أن الصحابة ماتوا ، ما عرفوا الجوهر والعَرض . فإن رضيتَ أن تكون مثلهم فكن ، وإنْ رأيتَ أنَّ طريقة المتكلمين أولى من طريقة أبي بكر وعمر ، فبئس ما رأيتَ . وذُكر عنه أنه قال : لقد بالغتُ في الأصول طول عمري ، ثم عدتُ القهقرى إلى مذهب المكتب . وقد حكى هذا عنه القرطبي في شرح مسلم . وله من الكلام في السنة والانتصار لها ، والرد على المتكلمين شيء كثير . وقد صنّف في ذلك مصنفًا . وقرأتُ بخط الحافظ أبي محمد البرزالي قال : قرأتُ بخط الحافظ ضياء الدين المقدسي ، قال : كتب بعضُهم إلى أبي الوفاء بن عقيل يقول له : صِف لي أصحابَ الإمام أحمد على ما عرفت من الإنصاف . فكتب إليه يقول : هُم قوْم خُشُنٌ ، تقَلّصتْ أخلاقهم عن المخالطة ، وغلظت طباعهم عن المداخلة ، وغلب عليهم الجدّ ، وقلَّ عندهم الهزل ، وغربتْ نفوسهم عن ذل المراءاة ، وفزعوا عن الآراء إلى الروايات ، وتمسكوا بالظاهر تحرّجًا عن التأويل ، وغلبت عليهم الأعمال الصالحة ، فلم يدققوا في العلوم الغامضة ، بل دققوا في الورع ، وأخذوا ما ظهر من العلوم ، وما وراء ذلك قالوا : الله أعلم بما فيها ، من خشية باريها . لم أحفظ على أحد منهم تشبيهًا ، إنما غلبت عليهم الشناعة لإيمانهم بظواهر الآي والأخبار ، من غير تأويل ولا إنكار . والله يعلم أنني لا أعتقد في الإسلام طائفة محقة ، خالية من البدع ، سوى من سلك هذا الطريق . والسلام . وكان رحمه اللّه بارعًا في الفقه وأصوله . - وله في ذلك استنباطات عظيمة حسنة ، وتحريرات كثيرة مستحسنة . وكانت له يد طولى في الوعظ ، والمعارف . وكلامه في ذلك حسن ، وأكثره مستنبطٌ من النصوص الشرعية ، فيستنبط من أحكام الشرع وفضائله معارف جليلة وإشارات دقيقة .