responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : معجم البلدان نویسنده : الحموي    جلد : 1  صفحه : 461


صفا العيش في بغداد واخضر عوده ، وعيش سواها غير خفض ولا غض تطول بها الأعمار ، إن غذاءها مرئ ، وبعض الأرض أمرأ من بعض قضى ربها أن لا يموت خليفة بها ، إنه ما شاء في خلقه يقضي تنام بها عين الغريب ، ولا ترى غريبا بأرض الشام يطمع في الغمض فإن جزيت بغداد منهم بقرضها ، فما أسلفت إلا الجميل من القرض وإن رميت بالهجر منهم وبالقلى ، فما أصبحت أهلا لهجر ولا بغض وكان من أعجب العجب أن المنصور مات وهو حاج ، والمهدي ابنه خرج إلى نواحي الجبل فمات بماسبذان بموضع يقال له الرذ ، والهادي ابنه مات بعيساباد قرية أو محلة بالجانب الشرقي من بغداد ، والرشيد مات بطوس ، والأمين أخذ في شبارته وقتل بالجانب الشرقي ، والمأمون مات بالبذندون من نواحي المصيصة بالشام ، والمعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر وباقي الخلفاء ماتوا بسامرا ، ثم انتقل الخلفاء إلى التاج من شرقي بغداد كما ذكرناه في التاج ، وتعطلت مدينة المنصور منهم .
وفي مدح بغداد قال بعض الفضلاء : بغداد جنة الأرض ومدينة السلام وقبة الاسلام ومجمع الرافدين وغرة البلاد وعين العراق ودار الخلافة ومجمع المحاسن والطيبات ومعدن الظرائف واللطائف ، وبها أرباب الغايات في كل فن ، وآحاد الدهر في كل نوع ، وكان أبو إسحاق الزجاج يقول :
بغداد حاضرة الدنيا وما عداها بادية ، وكان أبو الفرج الببغا يقول : هي مدينة السلام بل مدينة الاسلام ، فإن الدولة النبوية والخلافة الاسلامية بها عششتا وفرختا وضربتا بعروقهما وبسقتا بفروعهما ، وإن هواءها أغذى من كل هواء وماءها أعذب من كل ماء ، وإن نسيمها أرق من كل نسيم ، وهي من الاقليم الاعتدالي بمنزلة المركز من الدائرة ، ولم تزل بغداد موطن الأكاسرة في سالف الازمان ومنزل الخلفاء في دولة الاسلام ، وكان ابن العميد إذا طرأ عليه أحد من منتحلي العلوم والآداب وأراد امتحان عقله سأله عن بغداد ، فإن فطن بخواصها وتنبه على محاسنها وأثنى عليها جعل ذلك مقدمة فضله وعنوان عقله ، ثم سأله عن الجاحظ ، فإن وجد أثرا لمطالعة كتبه والاقتباس من نوره والاغتراف من بحره وبعض القيام بمسائله قضى له بأنه غرة شادخة في أهل العلم والآداب ، وإن وجده ذاما لبغداد غفلا عما يحب أن يكون موسوما به من الانتساب إلى المعارف التي يختص بها الجاحظ لم ينفعه بعد ذلك شئ من المحاسن ، ولما رجع الصاحب عن بغداد سأله ابن العميد عنها ، فقال : بغداد في البلاد كالأستاذ في العباد ، فجعلها مثلا في الغاية في الفضل ، وقال ابن زريق الكاتب الكوفي :
سافرت أبغي لبغداد وساكنها مثلا ، قد اخترت شيئا دونه الياس هيهات بغداد ، والدنيا بأجمعها عندي ، وسكان بغداد هم الناس وقال آخر :
بغداد يا دار الملوك ومجتنى صنوف المنى ، يا مستقر المنابر

461

نام کتاب : معجم البلدان نویسنده : الحموي    جلد : 1  صفحه : 461
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست