نام کتاب : معجم البلدان نویسنده : الحموي جلد : 1 صفحه : 460
الرمح نحوها علم أن بعض الخوارج يظهر من تلك الجهة ، فلا يطول عليه الوقت حتى ترد عليه الاخبار بأن خارجيا قد هجم من تلك الناحية ، قلت أنا : هكذا ذكر الخطيب وهو من المستحيل والكذب الفاحش ، وإنما يحكى مثل هذا عن سحرة مصر وطلسمات بليناس التي أوهم الأغمار صحتها تطاول الازمان والتخيل أن المتقدمين ما كانوا بني آدم ، فأما الملة الاسلامية فإنها تجل عن مثل هذه الخرافات ، فإن من المعلوم أن الحيوان الناطق مكلف الصنائع لهذا التمثال لا يعلم شيئا مما ينسب إلى هذا الجماد ولو كان نبيا مرسلا ، وأيضا لو كان كلما توجهت إلى جهة خرج منها خارجي لوجب أن لا يزال خارجي يخرج في كل وقت لأنها لابد أن تتوجه إلى وجه من الوجوه ، والله أعلم ، قال : وسقط رأس هذه القبة سنة 329 ، وكان يوم مطر عظيم ورعد هائل ، وكانت هذه القبة تاج البلد وعلم بغداد ومأثرة من مآثر بني العباس ، وكان بين بنائها وسقوطها مائة ونيف وثمانون سنة ، وثقل المنصور أبوابها من واسط ، وهي أبواب الحجاج ، وكان الحجاج أخذها من مدينة بإزاء واسط تعرف بزند ورد ، يزعمون أنها من بناء سليمان بن داود ، عليه السلام ، وأقام على باب خراسان بابا جئ به من الشام من عمل الفراعنة وعلى باب الكوفة بابا جئ به من الكوفة من عمل خالد القسري وعمل هو بابا لباب الشام ، وهو أضعفها ، وكان لا يدخل أحد من عمومة المنصور ولا غيرهم من شئ من الأبواب إلا راجلا إلا داود بن علي عمه ، فإنه كان متفرسا وكان يحمل في محفة ، وكذلك محمد المهدي ابنه ، وكانت تكنس الرحاب في كل يوم ويحمل التراب إلى خارج ، فقال له عمه عبد الصمد : يا أمير المؤمنين أنا شيخ كبير فلو أذنت لي أن أنزل داخل الأبواب ، فلم يأذن له ، فقال : يا أمير المؤمنين عدني بعض بغال الروايا التي تصل إلى الرحاب ، فقال : يا ربيع بغال الروايا تصل إلى رحابي تتخذ الساعة قني بالساج من باب خراسان حتى تصل إلى قصري ، ففعل ومد المنصور قناة من نهر دجيل الآخذ من دجلة وقناة من نهر كرخايا الآخذ من الفرات وجرهما إلى مدينته في عقود وثيقة ، من أسفلها محكمة بالصاروج والآجر من أعلاها ، فكانت كل قناة منها تدخل المدينة وتنفذ في الشوارع والدروب والأرباض ، تجري صيفا وشتاء لا ينقطع ماؤها في شئ من الأوقات ، ثم أقطع المنصور أصحابه القطائع فعمروها وسميت بأسمائهم ، وقد ذكرت من ذلك ما بلغني في مواضعه حسب ما قضى به ترتيب الحروف ، وقد صنف في بغداد وسعتها وعظم رفعتها وسعة بقعتها وذكر أبو بكر الخطيب في صدر كتابه من ذلك ما فيه كفاية . لطالبه . فلنذكر الآن ما ورد في مدح بغداد ومن عجيب ذلك ما ذكره أبو سهل بن نوبخت قال : أمرني المنصور لما أراد بناء بغداد بأخذ الطالع ، ففعلت فإذا الطالع في الشمس وهي في القوس ، فخبرته بما تدل النجوم عليه من طول بقائها وكثرة عمارتها وفقر الناس إلى ما فيها ثم قلت : وأخبرك خلة أخرى أسرك بها يا أمير المؤمنين ، قال : وما هي ؟ قلت : نجد في أدلة النجوم أنه لا يموت بها خليفة أبدا حتف أنفه ، قال : فتبسم وقال الحمد لله على ذلك ، هذا من فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ، ولذلك يقول عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير بن الخطفى : أعاينت في طول من الأرض أو عرض ، كبغداد من دار بها مسكن الخفض
460
نام کتاب : معجم البلدان نویسنده : الحموي جلد : 1 صفحه : 460