responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : معجم البلدان نویسنده : الحموي    جلد : 1  صفحه : 438


ألفتها فاتخذتها وطنا ، إن فؤادي لمثلها وطن زوج حيتانها الضباب بها ، فهذه كنة وذا ختن فانظر وفكر لما نطقت به ، إن الأديب المفكر الفطن من سفن كالنعام مقبلة ، ومن نعام كأنها سفن وقال المدائني : وفد خالد بن صفوان على عبد الملك ابن مروان فوافق عنده وفود جميع الأمصار وقد اتخذ مسلمة مصانع له ، فسأل عبد الملك أن يأذن للوفود في الخروج معه إلى تلك المصانع ، فأذن لهم ، فلما نظر إليها مسلمة أعجب بها فأقبل على وفد أهل مكة فقال : يا أهل مكة هل فيكم مثل هذه المصانع ؟
فقالوا : لا إلا أن فينا بيت الله المستقبل ، ثم أقبل على وفد أهل المدينة فقال : يا أهل المدينة هل فيكم مثل هذه ؟ فقالوا : لا إلا أن فينا قبر نبي الله المرسل ، ثم أقبل على وفد أهل الكوفة فقال : يا أهل الكوفة هل فيكم مثل هذه المصانع ؟ فقالوا : لا إلا أن فينا تلاوة كتاب الله المرسل ، ثم أقبل على وفد أهل البصرة فقال : يا أهل البصرة هل فيكم مثل هذه المصانع ؟
فتكلم خالد بن صفوان وقال : أصلح الله الأمير ! إن هؤلاء أقروا على بلادهم ولو أن عندك من له ببلادهم خبرة لأجاب عنهم ، قال : أفعندك في بلادك غير ما قالوا في بلادهم ؟ قال : نعم ، أصلح الله الأمير ! أصف لك بلادنا ؟ فقال : هات ، قال : يغدو قانصنا فيجئ هذا بالشبوط والشيم ويجئ هذا بالظبي والظليم ، ونحن أكثر الناس عاجا وساجا وخزا وديباجا وبرذونا هملاجا وخريدة مغناجا ، بيوتنا الذهب ونهرنا العجب أوله الرطب وأوسطه العنب وآخره القصب ، فأما الرطب عندنا فمن النخل في مباركه كالزيتون عندكم في منابته ، هذا على أفنانه كذاك على أغصانه ، هذا في زمانه كذاك في إبانه ، من الراسخات في الوحل المطعمات في المحل الملقحات بالفحل يخرجن أسفاطا عظاما وأقساطا ضخاما ، وفي رواية : يخرجن أسفاطا وأقساطا كأنما ملئت رياطا ، ثم ينفلقن عن قضبان الفضة منظومة باللؤلؤ الأبيض ثم تتبدل قضبان الذهب منظومة بالزبرجد الأخضر ثم تصير ياقوتا أحمر وأصفر ثم تصير عسلا في شنة من سحاء ليست بقربة ولا إناء حولها المذاب ودونها الجراب لا يقربها الذباب مرفوعة عن التراب ثم تصير ذهبا في كيسة الرجال يستعان به على العيال ، وأما نهرنا العجب فإن الماء يقبل عنقا فيفيض مندفقا فيغسل غثها ويبدي مبثها ، يأتينا في أوان عطشنا ويذهب في زمان رينا فنأخذ منه حاجتنا ونحن نيام على فرشنا فيقبل الماء وله ازدياد وعباب ولا يحجبنا عنه حجاب ولا تغلق دونه الأبواب ولا يتنافس فيه من قلة ولا يحبس عنا من علة ، وأما بيوتنا الذهب فإن لنا عليهم خرجا في السنين والشهور نأخذه في أوقاته ويسلمه الله تعالى من آفاته وننفقه في مرضاته ، فقال له مسلمة : أنى لكم هذه يا ابن صفوان ولم تغلبوا عليها ولم تسبقوا إليها ؟ فقال : ورثناها عن الآباء ونعمرها للأبناء ويدفع لنا عنها رب السماء ومثلنا فيها كما قال معن بن أوس :
إذا ما بحر خندف جاش يوما يغطمط موجه المتعرضينا فمهما كان من خير ، فإنا ورثناها أوائل أولينا

438

نام کتاب : معجم البلدان نویسنده : الحموي    جلد : 1  صفحه : 438
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست