نام کتاب : معجم البلدان نویسنده : الحموي جلد : 1 صفحه : 439
وإنا مورثون ، كما ورثنا عن الآباء إن متنا ، بنينا وقال الأصمعي : سمعت الرشيد يقول : نظرنا فإذا كل ذهب وفضة على وجه الأرض لا يبلغ ثمن نخل البصرة . وقال أبو حاتم : ومن العجائب ، وهو مما أكرم الله به الاسلام ، أن النخل لا يوجد إلا في بلاد الاسلام البتة مع أن بلاد الهند والحبش والنوبة بلاد حارة خليقة بوجود النخل فيها ، وقال ابن أبي عيينة يتشوق البصرة : فإن أشك من ليلي بجرجان طوله ، فقد كنت أشكو منه بالبصرة القصر فيا نفس قد بدلت بؤسا بنعمة ، ويا عين قد بدلت من قرة عبر ويا حبذاك السائلي فيم فكرتي وهمي ، ألا في البصرة الهم والفكر فيا حبذا ظهر الحزيز وبطنه ، ويا حسن واديه ، إذا ماؤه زخر ويا حبذا نهر الأبلة منظرا ، إذا مد في إبانه الماء أو جزر ويا حسن تلك الجاريات ، إذا غدت مع الماء تجري مصعدات وتنحدر فيا ندمي إذ ليس تغني ندامتي ! ويا حذري إذ ليس ينفعني الحذر ! وقائلة : ماذا نبا بك عنهم ؟ فقلت لها : لا علم لي ، فاسألي القدر وقال الجاحظ : بالبصرة ثلاث أعجوبات ليست في غيرها من البلدان ، منها : أن عدد المد والجزر في جميع الدهر شئ واحد فيقبل عند حاجتهم إليه ويرتد عند استغنائهم عنه ، ثم لا يبطئ عنها إلا بمقدار هضمها واستمرائها وجمامها واستراحتها ، لا يقتلها غطسا ولا غرقا ولا يغبطها ظمأ ولا عطشا ، يجئ على حساب معلوم وتدبير منظوم وحدود ثابتة وعادة قائمة ، يزيدها القمر في امتلائه كما يزيدها في نقصانه فلا يخفى على أهل الغلات متى يتخلفون ومتى يذهبون ويرجعون بعد أن يعرفوا موضع القمر وكم مضى من الشهر ، فهي آية وأعجوبة ومفخر وأحدوثة ، لا يخافون المحل ولا يخشون الحطمة ، قلت أنا : كلام الجاحظ هذا لا يفهمه إلا من شاهد الجزر والمد ، وقد شاهدته في ثماني سفرات لي إلى البصرة ثم إلى كيش ذاهبا وراجعا ، ويحتاج إلى بيان يعرفه من لم يشاهده ، وهو أن دجلة والفرات يختلطان قرب البصرة ويصيران نهرا عظيما يجري من ناحية الشمال إلى ناحية الجنوب فهذا يسمونه جزرا ، ثم يرجع من الجنوب إلى الشمال ويسمونه مدا ، يفعل ذلك في كل يوم وليلة مرتين ، فإذا جزر نقص نقصانا كثيرا بينا بحيث لو قيس لكان الذي نقص مقدار ما يبقى وأكثر ، وليست زيادته متناسبة بل يزيد في أول كل شهر ، ووسطه أكثر من سائره ، وذاك أنه إذا انتهى في أول الشهر إلى غايته في الزيادة وسقى المواضع العالية والأراضي القاصية أخذ يمد كل يوم وليلة أنقص من اليوم الذي قبله ، وينتهي غاية نقص زيادته في آخر يوم من الأسبوع الأول من الشهر ، ثم يمد في كل يوم أكثر من مده في اليوم الذي قبله حتى ينتهي غاية زيادة مده في نصف الشهر ، ثم يأخذ في النقص إلى آخر الأسبوع ثم في الزيادة في آخر الشهر هكذا أبدا لا يختلف ولا يخل بهذا القانون ولا يتغير عن هذا الاستمرار ، قال الجاحظ : والأعجوبة الثانية ادعاء أهل أنطاكية وأهل حمص وجميع بلاد الفراعنة
439
نام کتاب : معجم البلدان نویسنده : الحموي جلد : 1 صفحه : 439