نام کتاب : معجم البلدان نویسنده : الحموي جلد : 1 صفحه : 138
كما فعلوا بأسماء الشهور ، فإنهم سموا كل شهر بما اتفق به في فصله ، من حرر أو برد ، فسقط جمادى في شدة البرد وجمود المياه ، والربيعان في أيام الصيف ، وصفر حيث صفرت الأرض من الخيرات ، وكانت تسميتها لذلك في أزمنة متباعدة ، ولم يكن في عام واحد متوال ، ولو كان في عام واحد ، كان من المحال أن يجئ جمادى ، وهم يريدون به جمود الماء وشدة البرد ، بعد الربيع ، ثم تغيرت الأزمنة ولزمها ذلك الاسم ، وإربل : قلعة حصينة ، ومدينة كبيرة ، في فضاء من الأرض واسع بسيط ، ولقلعتها خندق عميق ، وهي في طرف من المدينة ، وسور المدينة ينقطع في نصفها ، وهي على تل عالم من التراب ، عظيم واسع الرأس ، وفي هذه القلعة أسواق ومنازل للرعية ، وجامع للصلاة ، وهي شبيهة بقلعة حلب ، إلا أنها أكبر وأوسع رقعة . طول إربل تسع وستون درجة ونصف ، وعرضها خمس وثلاثون درجة ونصف وثلث ، وهي بين الزابين ، تعد من أعمال الموصل ، وبينهما مسيرة يومين . وفي ربض هذه القلعة ، في عصرنا هذا ، مدينة كبيرة ، عريضة طويلة ، قام بعمارتها ، وبناء سورها ، وعمارة أسواقها وقيسارياتها ، الأمير مظفر الدين كوكبرى بن زين الدين كوجك علي ، فأقام بها ، وقامت ، بمقامه بها ، لها سوق وصار له هيبة ، وقاوم الملوك ونابذهم بشهامته وكثرة تجربته حتى هابوه ، فانحفظ بذلك أطرافه ، وقصدها الغرباء ، وقطنها كثير منهم ، حتى صارت مصرا كبيرا من الأمصار . وطباع هذا الأمير مختلفة متضادة ، فإنه كثير الظلم ، عسوف بالرعية ، راغب في أخذ الأموال من غير وجهها ، وهو مع ذلك مفضل على الفقراء ، كثير الصدقات على الغرباء ، يسير الأموال الجمة الوافرة يستفك بها الأسارى من أيدي الكفار ، وفي ذلك يقول الشاعر : كساعية للخير من كسب فرجها ، لك الويل ! لا تزني ولا تتصدقي ومع سعة هذه المدينة ، فبنيانها وطباعها بالقرى أشبه منها بالمدن ، وأكثر أهلها أكراد قد استعربوا ، وجميع رساتيقها وفلاحيها وما ينضاف إليها أكراد ، وينضم إلى ولايتها عدة قلاع ، وبينها وبين بغداد مسيرة سبعة أيام للقوافل ، وليس حولها بستان ، ولا فيها نهر جار على وجه الأرض ، وأكثر زروعها على القني المستنبطة تحت الأرض ، وشربهم من آبارهم العذبة الطيبة المريئة ، التي لا فرق بين مائها وماء دجلة في العذوبة والخفة ، وفواكهها تجلب من جبال تجاورها ، ودخلتها فلم أر فيها من ينسب إلى فضل غير أبي البركات المبارك بن أحمد بن المبارك بن موهوب ابن غنيمة بن غالب ، يعرف بالمستوفي ، فإنه متحقق بالأدب ، محب لأهله ، مفضل عليهم ، وله دين واتصال بالسلطان ، وخلة شبيهة بالوزارة ، وقد سمع الحديث الكثير ممن قدم عليهم إربل ، وألف كتبا ، وقد أنشدني من شعره ، وكتب لي بخطه عدة قطع ، منها : تذكر نيك الريح مرت عليلة على الروض مطلولا ، وقد وضح الفجر وما بعدت دار ، ولا شط منزل ، إذا نحن أدنتنا الأماني والذكر وقد كان اشتهر شعر نوشروان البغدادي ، المعروف بشيطان العراق الضرير ، فيها سالكا طريق الهزل ، راكبا سنن الفكاهة ، موردا ألفاظ البغداديين والأكراد ، ثم إقلاعه عن ذلك والرجوع عنه ، ومدحه لإربل ، وتكذيبه نفسه ، وأنا أورد مختار
138
نام کتاب : معجم البلدان نویسنده : الحموي جلد : 1 صفحه : 138