responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 93


يذكر إلا من ينيب وقال عزّ وجلّ : * ( إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبابِ ) * [ الزمر : 9 ] الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق . فالاستقامة على التوبة من الوفاء بالعهد وتعدّي الحدود من نقض الميثاق وقلة الصدق والإنابة هي التوبة والإقبال على الله عزّ وجلّ . والألباب هي العقول الزاكية والقلوب الطاهرة وينبغي للتالي الخائف الناصح لنفسه وللخلق السليم القلب إذا تلا آي الوعد والمدح ومحاسن الوصف ومقامات المقربين أن لا يشهد نفسه هناك ولا يراها مكانا لذلك بل يشهد للمؤمنين فيها وينظر إلى الصديقين منها سلامة ونصحا ، فإذا تلا الآي الممقوت أهلها المتهدّد عليها المذموم وصفها من مقامات الغافلين وأحوال الخاطئين شهد نفسه هناك وأنه هو المخاطب المقصود بذلك خوفا منه وشفقا .
فبهذه المشاهدة يرجو للخلق ويخاف على نفسه ومن هذه الملاحظة يسلم قلبه للعباد ويمقت نفسه .
وروينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يقول اللَّهم إني أستغفرك لظلمي وكفري قال : فقلت يا أمير المؤمنين هذا الظلم فما بال الكفر ؟ فتلا قوله : * ( إِنَّ الإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) * [ إبراهيم : 34 ] فإن قلب هذان المعنيان على عبد حتى يشهد نفسه في المدح والوصف ويشهد غيره في الذم والمقت انقلب قلبه عن وجهة الصادقين وتنكب بقصده عن صراط الخائفين فهلك وأهلك لأن من شهد البعد في القرب لطف به بالخوف ، ومن شهد القرب في البعد مكر به في الأمن . وقال بعض العلماء : كنت أقرأ القرآن فلا أجد له حلاوة حتى تلوته كأني أسمعه من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يتلوه على أصحابه ثم رفعت إلى مقام فوقه فكنت أتلوه كأني أسمعه من جبريل عليه السلام يلقيه على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم . ثم جاء الله بمنزلة أخرى فأنا الآن أسمعه من المتكلم عزّ من قائل فعندها وجدت له نعيما ولذة لا أصبر عنها . وقال عثمان رضي الله عنه : أو حذيفة لو طهرت القلوب لم تشبع من تلاوة القرآن . وقال ثابت البناني : كابدت القرآن عشرين سنة وتنعمت به عشرين سنة . وقال بعض علمائنا : لكل آية ستون ألف فهم وما بقي من فهمها أكثر . وعن علي رضي الله عنه : لو شئت لأوقرت سبعين بعيرا من تفسير فاتحة الكتاب . وعن أبي سليمان الداراني : إني لأتلو الآية فأقيم فيها أربع ليال وذكر خمس ليال ولو لا أني أقطع الفكر فيها لما جاوزتها إلى غيرها .
وروينا عن بعض السلف أنه بقي في سورة هود ستة أشهر يكررها ولا يفرغ منها .
وحدثنا عن بعض العارفين قال : لي في كل جمعة ختمة ، وفي كل شهر ختمة ، وفي كل سنة ختمة ، ولي ختمة منذ ثلاثين سنة ما فرغت منها بعد . يعني ختمة التفهم والمشاهدة .

93

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 93
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست