نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 92
عجائبه ولا يخلقه كثرة الرد . هو الذي سمعته الجن فلمّا قضى ولَّوا إلى قومهم منذرين فقالوا : يا قومنا : * ( إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ ) * [ الجن : 1 ] من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن تمسك به هدي إلى صراط مستقيم . ورويناه معناه في حديث حذيفة لما أخبره رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالاختلاف والفرقة بعده قال : فقلت يا رسول الله فما تأمرني إن أدركت ذاك ؟ فقال : تعلَّم كتاب الله عزّ وجلّ واعمل بما فيه فهو المخرج من ذلك . قال : فأعدت عليه فقال : تعلَّم كتاب الله عزّ وجلّ واعمل بما فيه فهو المخرج من ذلك . قال : فأعدت عليه فقال : تعلَّم كتاب الله واعمل بما فيه ففيه النجاة ثلاثا . وعن علي رضي الله عنه قال : ما أسرّ إليّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم شيئا كتمه الناس إلَّا أن يؤتي الله عبدا فهما في كتابه . وعنه رضي الله عنه أنه قال : ومن فهم فسّر جمل العلم . وعن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره في قوله عزّ وجلّ : * ( ومن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ) * [ البقرة : 269 ] . قال : الفهم في كتاب الله عزّ وجلّ وقال أحسن القائلين : * ( فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وكُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وعِلْماً ) * [ الأنبياء : 79 ] فرفع الفهم مقاما فوق الحكم والعلم وأضافه إليه للتخصيص وجعله مقاما عاما فيهما فإذا فهم العبد الكلام وعامل به المولى تحقق بما يقول وكان من أصحابه ولم يكن حاكيا لقائله مثل أن يتلو منه : * ( إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) * [ يونس : 15 ] ومثل أن يقول : * ( عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وإِلَيْكَ أَنَبْنا ) * [ الممتحنة : 4 ] . ومثل قوله : * ( ولَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا ) * [ إبراهيم : 12 ] فيكون هو الخائف لليوم العظيم ويكون هو المتوكَّل المنيب وهو الصابر على الأذى متوكل على المولى ولا يكون مخبرا عن قائل قاله فلا يجد حلاوة ذلك ولا ميراثه فإذا كان هو كذلك وجد حلاوة التلاوة وتحقق جزء الولاية ، وكذلك إذا تلا الآي المذموم أهلها الممقوت فاعلها مثل قوله تعالى : * ( وهُمْ في غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ) * [ الأنبياء : 1 ] وقوله : * ( فَأَعْرِضْ عَنْ من تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا ولَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا ) * [ النجم : 29 ] ، ومثل قوله عزّ وجلّ : * ( ومن لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) * [ الحجرات : 11 ] فما أقبح من يعيب ذلك وهو من أهله وما أعظم أن يذم أهل ذلك وهو بوصفه فهذا من حجج القرآن عليه فلا يجد مع ذلك حلاوة المناجاة ولا يسمع خطاب المناجي لأن وصفه المذموم قد حجبه وهواه المردي عن حقيقة الفهم قد حرمه ، ولأن قسوة قلبه عن الفهم صرفه وكذبه في حاله عن البيان وأخرسه . فإذا كان هو المتيقظ المقبل فهو التائب الصادق سمع فصل الخطاب ونظر إلى الداعي وله استجاب . وقد اشترط الله عزّ وجلّ للإنابة التبصرة وحضور القلب للتذكرة فقال عزّ وجلّ : * ( تَبْصِرَةً وذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ) * [ ق : 8 ] وقال وما
92
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 92