responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 467


يقال : إن الصلاة فيه بخمسين صلاة وإن أفضل الأماكن موضع الفقراء من الجامع وإن أفضل الأحوال الخمول . فلذلك أخمل نفسه فيما بين الفقراء في الجامع ليحوز فواضل الأعمال .
ومن الزهد أن يكون بفقره مغتبطا مشاهدا لعظيم نعمة الله تعالى عليه به يخاف أن يسلب فقره ويحول عن زهده ، كما يكون الغني مغتبطا بغناه يخاف الفقر ثم وجود حلاوة الزهد حتى يعلم الله تعالى من قلبه أن القلَّة أحبّ إليه من الكثرة وأن الذلّ أحبّ إليه من العزّ وأن الوحدة آثر عنده من الجماعة وأن الخمول أعجب إليه من الاشتهار فهذا من إخلاصه في زهده .
وروينا عن عيسى عليه السلام وعن نبيّنا عليه السلام : أربع لا يدركن إلا بعجب الصمت ، وهو أوّل العبادة والتواضع وكثرة الذكر وقلة الشيء . وقال الثوري رحمه الله تعالى : لا يكون الرجل عالما حتى يعد البلاء نعمة والرخاء عقوبة . وقال بعض السلف : لا يفقه العبد كل الفقه حتى يكون الفقر أحبّ إليه من الغنى والذل آثر عنده من العزّ . وقد روينا خبرا مقطوعا : لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يكون أن لا يعرف أحبّ إليه من أن يعرف وحتى يكون قلَّة الشيء أحبّ إليه من كثرته . وكان السلف الصالح يقولون : نعمة الله علينا فيما صرف عنّا من الدنيا أعظم من نعمته فيما صرف إلينا . وكان الثوري رحمه الله تعالى يقول الدنيا دار التواء لا دار استواء ودار ترح لا منزل فرح . من عرفها لم يفرح برخاء ولم يحزن على شقاء . وكان سهل بن عبد الله رحمه الله يقول : لا يصحّ التعبّد لأحد ولا يخلص له عمل حتى لا يجزع ولا يفرّ من أربعة أشياء : الجوع ، والعرى ، والفقر ، والذل .
كما روينا أن إبراهيم التميمي رحمه الله تعالى دفع إليه خمسون ألف درهم فردّها فقيل له : لم رددتها فقال : أكره أن أمحو اسمي من ديوان الفقراء بخمسين ألفا . ومن الزهد عند الزاهدين ترك فضول العلوم التي معلوماتها تئول إلى الدنيا وتدعو إلى الجاه والمنزلة عند أبنائها وفيما لا نفع فيه في الآخرة ولا قربة به عند الله تعالى وقد تشغل عن عبادة الله تعالى وتفرق الهمّ عن اجتماعه بين يدي الله تعالى وتقسي القلب عن ذكر الله تعالى وتحجب عن التفكَّر في آلائه وعظمته . وقد أحدثت علوم كثيرة لم تكن تعرف فيما سلف اتخذها الغافلون علما وجعلها البطالون شغلا انقطعوا بها عن الله تعالى وحجبوا بها عن مشاهدة علم الحقيقة لا نستطيع ذكرها لكثرة أهلها إلا أن نسأل عن شيء منها أعلم هو أم كلام أم حقّ أو تشبيه أو صدق وحكمة أو زخرف وغرور أم سنّة ، هو عتيق أو محدث وتشديق . فحينئذ نخبر بصواب ذلك . ومن أفضل الزهد : الزهد في الرئاسة على الناس ،

467

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 467
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست