responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 468


وفي المنزلة والجاه عندهم ، والزهد في حبّ الثناء والمدح منهم لأن هذه المعاني هي من أكثر أبواب الدنيا عند العلماء . فالزهد فيها هو زهد العلماء . كان الثوري رحمه الله تعالى يقول : الزهد في الرئاسة ومدح الخلق أشدّ من الزهد في الدينار والدرهم قال : لأن الدينار والدرهم قد يبذلان في طلب ذلك وكان يقول : هذا باب غامض لا يبصره إلا سماسرة العلماء .
وقال الفضيل رحمه الله تعالى : نقل الصخور من الجبال أيسر من إزالة رياسة قد ثبتت في قلب جاهل . وذهب أويس القرني رحمه الله تعالى إلى أن الزهد هو ترك الطلب للمضمون . قال هرم بن حبان : لقيته على شاطئ الفرات يغسل كسرا وخرقا قد التقطها من المنبوذ وكان ذلك أكله ولباسه قال : فسألته عن الزهد أيّ شيء هو ؟ فقال : في أيّ شيء خرجت قلت : أطلب المعاش فقال : إذا وقع الطلب ذهب الزهد وكان أحمد بن حنبل رضي الله عنه يقول : لا زهد إلا زهد أويس بلغ به العري حتى قعد في قوصرة . وكان أبو سليمان الداراني رحمه الله تعالى يقول : الزهد في النساء أن تختار المرأة الدون أو اليتيمة على المرأة الجميلة والمرأة الشريفة . وذهب إلى هذا مالك بن دينار . وقال سهل بن عبد الله رحمه الله تعالى : لا يصحّ الزهد في النساء لأنهن قد حبّبن إلى سيد الزاهدين ووافقه ابن عيينة فقال : ليس في كثرة النساء ذنب لأن أزهد الصحابة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وكان له أربع نسوة وبضعة عشر سرية . وكان الجنيد يقول : أحبّ للمريد المبتدي أن لا يشغل قلبه بهذه الثلاث وإلا تغيّر حاله التكسب وطلب الحديث والتزوّج . وقال : أحبّ للصوفيّ أن لا يقرأ ولا يكتب لأنه أجمع لهمّه . وفي الخبر : إنما الزهد أن تكون بما في يد الله سبحانه وتعالى أوثق منك بما في يديك ، فهذا مقام التوكَّل . وذهب قوم إلى أن الزهد ترك الادخار وكانت الدنيا عندهم هو الجمع .
وقال بعضهم : الدنيا هو ما شغل القلب واهتم به فجعلوا الزهد ترك الاهتمام وطرح النفس تحت تصريف الأحكام ، وهذا هو التفويض والرضا . وقال أحمد بن أبي الحواري :
قلت لأبي سليمان الداراني : إن مالك بن دينار قال للمغيرة : اذهب إلى البيت فخذ الركوة التي كنت أهديتها لي فإن العدوّ يوسوس إلي أن اللَّص قد أخذها . فقال أبو سليمان : هذا من ضعف قلوب الصوفيين هو قد زهد في الدنيا ما عليه من أخذها . فأراد أبو سليمان منه حقيقة الرضا بجريان الأحكام وأراد مالك من نفسه حقيقة الزهد بأن يصرف عن قلبه الاهتمام .
وقال بعض العلماء : الدنيا هو العمل بالرأي والمعقول ، والزهد إنما هو اتباع العلم

468

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 468
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست