responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 466


الحسن يقول : أدركت سبعين من الأخيار ما لأحدهم إلا ثوبه وما وضع أحدهم بينه وبين الأرض ثوبا قطَّ . كان إذا أراد النوم باشر الأرض بجسمه وجعل ثوبه فوقه واعلم أنّي رأيت جمل النعم ثلاثا وتمامها بالزهد ، وذلك أن أصل النّعم كلَّها الإسلام ، لأن من ورائه مقامات كثيرة أخطئوا فيها حقيقة التوحيد ، ثم النعمة الثانية السنّة ، إذ من ورائها بدع كثيرة كلَّهم أخطئوا حقيقة السنة ، والنعمة الثالثة العلم باللَّه تعالى لأن من ورائه جهلا كثيرا بعظمة الله تعالى وقدرته ، ثم الزهد في الدنيا فمن أعطيه مع الثلاث تمّت عليه النّعم فكان مع الذين أنعم الله تعالى عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، أي تمّت نعمة الله عليهم لأن من ورائه حرصا كثيرا على الشبهات ورغبة عظيمة في الشهوات .
وقد كان سهل رحمه الله تعالى يجعل الزهد من شرط السنّة والاتباع لقوله تعالى :
* ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي ) * [ آل عمران : 31 ] قال : فمن السنّة اتّباع الرسول صلَّى الله عليه وسلم وكان زاهدا ثم تفاوت الزاهدون لأيّ شيء زهدوا مقامات على نحو علوّ المشاهدات .
فمنهم من زهد إجلالا لله تعالى ، ومنهم من زهد حياء من الله تعالى ، ومنهم من زهد خوفا من الله تعالى ومنهم من زهد رجاء موعود الله تعالى ومنهم من زهد مسارعة منه لأمر الله تعالى ومنهم من زهد حبّا لله تعالى وهو أعلاهم وأدناهم من زهد مخافة طول الوقوف ومناقشة الحساب كما قيل : ذو الدرهمين أشدّ حسابا يوم القيامة من ذي الدرهم ولأن طريق المتقين لا يسلكه من ملك في الدنيا زوجين من شيء ، ما أحد يعطي من الدنيا شيئا إلا قيل : خذه على ثلاثة أثلاث ، ثلث همّ ، وثلث شغل ، وثلث حساب . وأن الرجل من الأغنياء ليوقف للحساب ما لو ورد مائة بعير عطاش على عرقه لصدرن رواء وإنه ليرى منازله من الجنة فلما وقر هذا في قلوب الورعين أشفقوا من طول الحساب فزهدوا في الجمع والمنع وفارقوا فضول الآمال طلبا لخفة السؤال وسرعة الوقوف في الأهوال . ومن الزهد في الدنيا حبّ الفقر وأهله ومجالسة المساكين في أوطانهم والتذلَّل لهم كما كان مطرف رحمه الله تعالى يجالس المساكين في بزّته يتقرّب بذلك إلى ربه . وكان محمد بن يوسف الأصفهاني عالما زاهدا ومن الناس من كان يفضّله على الثوري رحمها الله تعالى ، إلا أنه كان يؤثر الخمول فلم يكن يعرفه إلا العلماء . وكان من حسن رعايته وشدة يقظته يعمل في كلّ وقت أفضل ما يقدر عليه في ذلك الوقت . فلما طلبه ابن المبارك بالمصيصة قال له بعض من يعرف حاله : إن ذاك لا يكون في المصر إلا في أفضل موضع فيه قال : فهو إذا في الجامع فطلبه فقيل له : إنه لا يقعد إلا في أفضل مكان قال : فطلبه عند الفقراء فإذا هو دسّ رأسه وأخمل نفسه مع المساكين فكان عنده أن أفضل وطن في المصر الجامع لأنه

466

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 466
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست