responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 463


للدنيا قالوا : إنّا لنحبها فقال : إن حبّها يفسد الدين لكنها عندي بمنزلة الحجر والمدر .
وفي خبر آخر : إنه رفع حجرا فقال : أيهما أحبّ إليكم هذا أو الدينار والدرهم ؟ قالوا الدينار . قال : فإنهما عندي سواء ويقال إن من صحّ زهده في الدنيا حتى يستوي عنده الذهب والحجر مشى على الماء وقد اشتهر ذلك في العامة حتى قال الشاعر :
لو كان زهدك في الدنيا كزهدك في * وصلي مشيت بلا شكّ على الماء وروينا أن عيسى عليه السلام مرّ في سياحته برجل نائم ملتفّ في عباءة فأيقظه وقال : قم يا نائم فاذكر الله فقال : ما تريد مني ؟ إني قد تركت الدنيا لأهلها فقال له عيسى عليه السلام : نم حبيبي إذا نم . وروينا عن موسى « عليه السلام أنه مرّ برجل نائم على التراب وتحت رأسه لبنة ووجهه ولحيته في التراب وهو متّزر بشمل عباءة فقال : يا ربّ عبدك هذا في الدنيا ضائع . فأوحى الله تعالى إليه : يا موسى أما علمت أني إذا نظرت إلى عبدي بوجهي كله زويت عنه الدنيا كلَّها . وأوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيّه إسماعيل عليه السلام : اطلبني عند المنكسرة قلوبهم قال يا ربّ ومن هم قال الفقراء الصادقون ، فهذا كأنه مفسّر لخبر موسى عليه السلام في وقوله أين أجدك قال : عند المنكسرة قلوبهم وقد كان أحمد بن عطاء وهو من المتأخرين يفضّل حال الغنى على الفقر لشبهة دخلت عليه ، وهو أن بعض الشيوخ سأله عن الوصفين أيهما أفضل ؟ قال : الغني لأنه صفة الحقّ فقال له الشيخ : فاللَّه غني بالإعراض والأسباب فانقطع ولم ينطق بحرف . وهذا كما قال الشيخ لأن الله تعالى غني بوصفه ، فالفقير أحقّ بهذا المعنى لأنه غنيّ بوصفه بالإيمان لا بالأسباب لانفرادها عنه ، فهو الأفضل فأما الغنيّ فإنه مشتّت مجتمع بالأسباب فهو مفضول بالارتياب وقد خالفه الخوّاص فوفق للصواب وكان فوقه في المعرفة فقال في كتاب شرف الفقر والفقر صفة الحقّ أي صفة منه يصف به الفقراء فوافقنا في التأويل يعني أنه تعالى متخلّ عن الأشياء منفرد عنها . ووجه آخر من الغلط الذي دخل عليه من جهة الغنى الذي ذكره لأنه إن كان فضل الغنى على الفقر لأنه صفة الحقّ فينبغي أن يفضّل المتكبّر الجبّار ومن أحبّ المدح والعزّ والحمد لأن ذلك كله صفة الحقّ فما أجمع أهل القبلة على ذم من كان هذا وصفه كان من وصفه الغنى في معناه لأن وصف الغنى صفة الحقّ مقترن بالعزّ والكبر .
وينبغي أن يسلَّم صفات الحقّ للحقّ ولا ينازع إياها ولا يشارك فيها . فبطل قول ابن عطاء لصحة قول الرسول صلَّى الله عليه وسلم : يقول الله تعالى العز إزاري والكبرياء ردائي من نازعني أحدهما قصمته في النار . وقد خالفه أيضا ووافقنا من لا يشك الخاص والعام في فضل معرفته عليه أبو محمد سهل بن عبد الله فقال : من أحبّ الغنى والبقاء والعزّ فقد نازع الله تعالى صفاته

463

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 463
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست