نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 462
بلالا بأدنى الحالين فكيف وهو من أعلى الصحابة فأشبه الفقر في الأحوال اليقين في الإيمان . كما قال لابن عمر : اعمل لله بالرضا واليقين فإن لم يكن فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا فرفعه إلى اليقين لفضله كما رفع بلالا إلى الفقر لشرفه في الأحوال فلم يكن صلَّى الله عليه وسلم يرضى لبلال إلا ما يرضاه لنفسه فصار الفقر حال الموقن لأنه يكشف الآخرة ، وصار الشكر في الغنى حال المؤمن لأنه يوجد الدنيا ففضل الفقير الزاهد على الغني الشاكر كفضل الموقن الشاهد على الموقن المجاهد . وكذلك روينا في حديث عطاء عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول : اللَّهم توفّني فقيرا ولا توفّني غنيّا ولم يكن ليأمر بلالا بأدنى الحالين فيقول : إِلق الله تعالى فقيرا كما لم يندب ابن عمر إلى أخفض المقامين لقوله : اعمل لله تعالى بالرضا في اليقين . وكذلك جاء في الخبر المشهور الذي دعا فيه صلَّى الله عليه وسلم لنفسه أن يحييه الله تعالى مسكينا ويتوفّاه مسكينا ويحشره في زمرة المساكين . كلّ ذلك لتفضيل الفقر وتشريف الفقراء مع قوله صلَّى الله عليه وسلم يدخل فقراء أمتي الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم يعني خمسمائة عام ، وروينا عن عيسى عليه السلام أنه قال : إني لأحبّ المسكنة وأبغض المال للغني وإن في المال داء كثيرا قيل : يا روح الله وإن كان يكتسبه من حلال قال يشغله كسبه عن ذكر الله تعالى قال وهب بن منبه لابن عباس : إنّا نجد في التوراة أن الفقير المصلح خير من الغني المصلح . قال ابن عباس : أما علمت أنه لا شيء أحبّ إلى الله تعالى من الفقير إذا كان صالحا وقيل : كان أحبّ الأسماء إلى عيسى عليه السلام أن يدعى به أن يقال له يا مسكين وكان يقول : من شرّ الغنى أن العبد يعصي ليستغني ولا يعصي ليفتقر . وقد قال بعض حكمائنا في كلام منظوم : يا عائبا للفقر تبغي الغنى * عيب الغنى أعظم لو تعتبر إنك تعصي لتنال الغنى * ولست تعصي الله كي تفتقر وروينا في حديث عطاء عن أبي سعيد الخدري : يا أيها الناس لا تحملنّكم العسرة والفاقة على أن تطلبوا الرزق من غير حلَّه فإني سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول : اللَّهم توفّني فقيرا ولا توفّني غنيّا واحشرني في زمرة المساكين . وقال لقمان لابنه : يا بني إن من أعون الأخلاق على صلاح الدين زهدا في الدنيا . من يزهد في الدنيا يرغب فيما عند الله تعالى . ومن يرغب فيما عند الله تعالى يعمل لله تعالى ، ومن يعمل لله تعالى يأجره الله تعالى . وقال الحواريون : يا روح الله نحن نصلَّي كما تصلي ونصوم كما تصوم ونذكر الله تعالى كما أمرتنا ولا نقدر نمشي على الماء كما تمشي أنت . فقال : أخبروني كيف حبّكم
462
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 462