responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 461


فثبت هذا القول من رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فصحّ لأنه معصوم في قوله كما هو معصوم في فعله ، فلا ينبغي أن ينقض أول الكلام آخره . فما جاء بعده محمول عليه ولم يصلح أن ينقلب لأنه إخبار عن شيء فلا يجوز الرجوع عنه . ولما فعل الأغنياء ما أمر به الفقراء وقف الفقراء في نظر الرسول صلَّى الله عليه وسلم لمنظرهم إلى مزيد الأغنياء عليهم بالقول فرجعوا إليه يستفتون منه ما أخبر به قال : لا تعجلوا فإن الذي قلت لكم كما قلت هو فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء وأنتم ممن شاء أن يؤتيه فضله . فصحّ تأويلنا هذا وبطل تأويلهم بدليل قول الرسول صلَّى الله عليه وسلم الأوّل . فكان قوله الثاني بالآخر مواطئا لقوله الأوّل ولم يناقض الأوّل بالآخر . كيف وقد جاء دليل ما قلنا مكشوفا في الحديث المفسّر الذي رويناه عن زيد بن أسلم عن أنس رضي الله عنه قال : بعث الفقراء إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم رسولا فقال : إن رسول الفقراء إليك فقال : مرحبا بك وبمن جئت من عندهم من عند قوم أحبّهم قال : قالوا : يا رسول الله إن الأغنياء ذهبوا بالجنة يحجّون ولا نقدر عليه ويعتمرون ولا نقدر عليه وإذا مرضوا بعثوا بفضل أموالهم ذخيرة لهم فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : أبلغ عني الفقراء أن لمن صبر واحتسب منكم ثلاث خصال ليست للأغنياء ، أما خصلة واحدة فإن في الجنة غرفا ينظر إليها أهل الجنة كما ينظر أهل الأرض إلى نجوم السماء لا يدخلها إلا نبي فقير أو شهيد فقير أو مؤمن فقير ، والثانية يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم وهو خمسمائة عام ، والثالثة إذا قال الغني :
سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر . وقال الفقير مثل ذلك لم يلحق الغني الفقير ، وإن أنفق فيها عشرة آلاف درهم وكذلك أعمال البرّ كلها فرجع إليهم فقالوا : رضينا فهذا يدل على صحة تأويلنا .
وقد روينا معنى هذا مجملا في الخبر الذي رويناه عن إسماعيل بن عياش عن عبد الله ابن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال لأصحابه : أي الناس خير ؟
قالوا : موسر من المال يعطي حقّ الله في نفسه وماله فقال : نعم الرجل هذا وليس به قالوا :
فمن خير الناس ؟ مؤمن فقير يعطي جهده . فذهب القوم إلى علم العقل فردّهم الرسول صلَّى الله عليه وسلم إلى علم اليقين فكذلك من فضل حال الغنى على حال الفقر فإنه ينظر في العلم بعين العقل وإنما يشهد الآخرة والحقيقة بعين اليقين وهذا نصّ في تفضيل حال الفقر . فمن فضّل الغنى بعده فقد عاند السنّة إن كان عالما فأحسن حاله الجهل بالآثار وإن كان جاهلا فمقامه في الجهل أضرّ عليه من نطقه بالعلم بهوى . وفي الخبر الآخر : خير هذه الأمة فقراؤها وأسرعها تضجّعا في الجنة ضعفاؤها . وقال صلَّى الله عليه وسلم لبلال : إِلق الله تعالى فقيرا ولا تلقه غنيّا قال : وكيف لي بذلك ؟ قال : إذا سئلت فلا تمنع وإذا أعطيت فلا تخبأ أ فتراه كان يأمر

461

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 461
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست