نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 453
عليها وأقتل بها حية إن لقيتها ومعي جرابي أحمل فيه طعامي ومعي قصعتي آكل فيها وأغسل فيها رأسي وثوبي ومعي مطهرتي أحمل فيها شرابي ووضوئي للصلاة يعني السطيحة . فما كان بعد هذا من الدنيا فهو تبع لما معي فقال له عمر صدقت رحمك الله وكان عمر رضي الله عنه قد كتب إلى أهل حمص أن عدوا لي فقراءكم فسمّوا له في الكتاب نفرا وذكروا فيهم سعيد بن جذيم ويقال : بل عمير بن سعد فقال عمر : من سعيد بن جذيم ؟ فقالوا أميرنا يا أمير المؤمنين . قال : أو فقير هو ؟ قالوا : نعم ما فينا أفقر منه . قال : فما فعل عطاؤه قالوا : يخرجه كلَّه لا يترك لنفسه ولا لأهله شيئا منه . فوجه إليه عمر رضي الله عنه بأربعمائة دينار وسأله أن ينفقها على نفسه وأهله . فلما وصلت إليه دخل على زوجته وهو يبكي فقالت له ما شأنك ؟ مات أمير المؤمنين ؟ قال : أعظم من ذلك قالت : فتق فتق في المسلمين ؟ قال : أشدّ من ذلك . قالت : فما هو ؟ قال : أتتني الدنيا قد كنت مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فلم تفتح الدنيا عليّ وكنت في أيام أبي بكر رضي الله عنه فلم تفتح الدنيا عليّ وخلفت إلى أيام عمر رضي الله عنه ألا وشرّ أيامي أيام عمر . ثم حدثها فقالت : نفسي فداؤك فاصنع بها ما بدا لك فقال : أو تساعديني على ما أريد ؟ قال : نعم . قال : أعطيني خلق ذلك البرد قال : فجعل يمزقه ويصرها فيه صررا ما بين العشرة والخمسة والثلاثة حتى أفناها ثم جعلها في مخلاة وتأبطها وخرج فاعترض جيشا من المسلمين يريدون الغزو فجعل يدفع إليهم صرّة صرّة على نحو ما يرى من حالهم ثم رجع ولم يترك لأهله منها دينارا ، فهذه كانت شمائل جملة أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان رضي الله تعالى عنهم . وروينا في حديث عياض بن غنم عن النبي صلَّى الله عليه وسلم في وصف الأخيار : إن من خيار أمتي فيما أنبأني الملأ الأعلى قوم يضحكون جهرا من سعة رحمة ربهم ويبكون سرّا من خوف عذابه مئونتهم على الناس خفيفة وعلى أنفسهم ثقيلة يلبسون الخلقان ويتبعون الرهبان ، أجسامهم في الأرض وأفئدتهم عند العرش . وفي حديث أبي الدرداء رضي الله عنه لما وصف الأبدال قال : فقلت له : فكيف لي أن أكون بهذا الوصف وأنّى لي أن أكون مثلهم ؟ فقال : يا ابن أخي ما بينك وبين أن تكون في أوّل ذلك وأوسطه إلا أن تزهد في الدنيا فتعاين الآخرة بقلبك فتعمل لها . وروينا في الخبر : أن الله تعالى يحبّ المبتذل الذي لا يبالي ما لبس . وقال الثوري وفضيل رحمهما الله تعالى : جعل الشر كلَّه في بيت وجعل مفتاحه الرغبة في الدنيا ، وجعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا . وسئل يوسف بن أسباط وسفيان
453
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 453