responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 454


الثوري رحمهما الله تعالى : أي الأعمال أفضل ؟ فقالا : الزهد في الدنيا وهذا موجود في ظاهر الخبر المنقول عن عيسى عليه السلام . ورويناه عن نبيّنا صلَّى الله عليه وسلم : حبّ الدنيا رأس كل خطيئة ففي تدبّره أن بعضها رأس كل طاعة . كذلك كان بعض السلف يقول : كفى به ذنبا لا يستغفر منه حبّ الدنيا . وأشدّ من ذلك ما رواه سفيان عن يحيي بن سليم الطائفي رفعه إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : لو أن عبدا عبد الله تعالى عبادة أهل السماوات والأرض ولقيه محبّا للدنيا لأقامه الله تعالى في الموقف مقاما شهره فيه بين الخلائق . ألا أن فلان بن فلان قد أحبّ ما أبغض الله تعالى . وقال يحيى بن جابر الطائي : قال عمرو بن الأسود العنسي : لا ألبس مشهورا أبدا ولا أنام بليل على دثار أبدا ولا أركب على مابور أبدا ولا أملأ جوفي من طعام أبدا .
فقال عمر رضي الله عنه : من سرّه أن ينظر إلى هدى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فلينظر إلى عمرو ابن الأسود . وجاء رسول الله صلَّى الله عليه وسلم من سفر فدخل على فاطمة رضي الله تعالى عنها فرأى على بابها سترا وفي يديها قلبين من فضة فرجع ، فدخل عليها أبو رافع وهي تبكي ، فأخبرته برجوع رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فسأله فقال : من أجل الستر والسوارين . فهتكت الستر ونزعت السوارين فأرسلت بهما بلالا إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وقال : قد تصدّقت به فضعه حيث ترى فقال : اذهب فبعه وادفعه إلى أهل الصفة فباع القلبين بدرهمين ونصف وتصدّق به عليهم فدخل عليها وقال : بأبي أنت قد أحسنت . وفي الخبر ما من عبد لبس ثوب شهرة إلا أعرض الله تعالى عنه حتى ينزعه وإن كان عنده حبيبا . وقال سفيان الثوري وغيره : البس من الثياب ما لم يشهرك عند العلماء ولا يحقرك عند الجهال وكان يقول : إن الفقير ليمرّ بي وأنا أصلَّي فأدعه يجوز ويمرّ . بعض هؤلاء من أبناء الدنيا وعليه هذه البزة فأمقته فلا أدعه يجوز . قال بعضهم : ما رأيت الغنيّ في مجلس قطَّ أذلّ منه في مجلس الثوري رحمه الله تعالى ولا رأيت الفقير أعز منه في مجلس الثوري . وقال آخر : كنا إذا جلسنا إلى سفيان تمنينا أنّا كنا فقراء لما نرى من إقباله عليهم وإعظامه لهم وقال بعضهم : إنما العالم هو الذي يقوم الفقير من عنده غنيّا والغنيّ من عنده فقيرا . وقال بعضهم قومت ثوبي سفيان ونعليه بدرهم وأربعة دوانيق . وقال ابن شبرمة : خير الثياب ما خدمني وشرّها ما خدمته .
وقال بعض السلف : أحبّ الثياب إليّ ما لا يستخدمني وأحبّ الطعام إليّ ما لا أغسل يديّ منه . وقال بعض العلماء : البس من الثياب ما يخلطك بالسوقة ولا تلبس منها ما يشهرك فينظر إليك قال : وعددنا في قميص عمر رضي الله عنه أربعة عشر رقعة بعضها من أدم . وكان بعض العلماء يقول : كثرة الثياب على ظهر ابن آدم عقوبة من الله تعالى له

454

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 454
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست