responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 452


وقال عليّ كرّم الله وجهه : إن الله تعالى أخذ على أئمة الهدى أن يكونوا في مثل أدنى أحوال الناس ليقتدي بهم الغنيّ ولا يزري بالفقير فقره ، وقد عوتب عمر رضي الله في لباسه وكان يلبس الخشن من القطن قيمة قميصه ثلاثة دراهم وخمسة دراهم ويقطع ما فضل عن أطراف أصابعه وقال هذا أدنى إلى التواضع وأجدر أن يقتدي بي المسلم . وأتت برود من اليمن إلى عمر رضي الله عنه فقسمها على أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بردا بردا ، ثم صعد المنبر يوم الجمعة فخطب الناس في حلَّة منها والحلَّة عند العرب ثوبان من جنس واحد ، وكان ذلك من أحسن زيّهم فقال : ألا اسمعوا ألا اسمعوا . ثم وعظ فقام سلمان فقال : والله لا نسمع والله لا نسمع قال : وما ذاك ؟ قال : لأنك قد أعطيتنا ثوبا ثوبا ورحت في حلَّة فقد تفضّلت علينا بالدنيا . فتبسم ثم قال : عجلت يا أبا عبد الله رحمك الله إني كنت غسلت ثوبي الخلق فاستعرت برد عبد الله بن عمر فلبسته مع بردي : فقال سلمان :
قل الآن حتى نسمع ونهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عن التنعّم وقال : إن عباد الله تعالى ليسوا بالمتنعمين ورؤي فضالة بن عبيد وهو والي مصر أشعث حافيا فقيل له : أنت الأمير وأنت هكذا فقال : نهانا رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عن الأرفاه وأمرنا أن نحتفي أحيانا .
وروينا أن عمر رضي الله عنه خطب الناس فقال : أنشد الله رجلا علم في عيبا لا أخبرني به . فقام شابّ فقال : فيك عيبان اثنان قال : وما هما رحمك الله ؟ قال : تذيل بين البردين وتجمع بين الأدمين قال : فما أذال بين البردين وما جمع بين الأدمين حتى لقي الله تعالى . هكذا حدثنا به قال الشيخ : بإسناده يذيل بالذال فمعناه تجمع بين ذيليهما فيتفق ذيل الأعلى على ذيل الأسفل من طول البرد الأعلى وأنا أحسب أن معناه تديل بالدال أي تبدّل أحدهما بآخر دولة ذا ودولة ذا ويصلح أن يكون بالذال من الإذالة أي الوضع يقال :
أشل هذا وأذل هذا مثل قول الناس من إذالة العلم أن يجيب العالم عن كلّ ما يسأل عنه كأنه : أراد تضعهما عندك معا وهو راجع إلى معنى تديل من الدولة . وقال علي لعمر رضي الله تعالى عنهما : إن أردت أن تلحق بصاحبيك فارقع القميص ونكس الأزرار واخصف النعل وكل دون الشبع . وكان عمر رضي الله تعالى عنه يقول : اخلولقوا واخشوشنوا وتمعددوا وإياكم وزيّ العجم كسرى وقيصر . وقال علي رضي الله تعالى عنه : من تزيّا بزيّ قوم فهو منهم .
وروينا عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : أشدّ من هذا أن من شرار أمتي الذي غذوا بالنعيم الذين يطلبون ألوان الطعام وألوان الثياب ويتشدقون في الكلام . ولما قدم عمير بن سعد أمير حمص على عمر رضي الله عنه قال له : ما معك من الدنيا يا عمير ؟ قال : معي عصاي أتوكأ

452

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 452
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست