responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 451


وروينا عن عيسى عليه السلام فيما أوحى الله تعالى إليه : يا ابن آدم أبك أيام الحياة بكاء من ودّع الدنيا وارتفعت رغبته إلى ما عند الله تعالى ، اكتف بالبلغة من الدنيا ليكفك منها الجشب والخشن بحقّ أقول لك ما أنت إلا بيومك وساعتك مكتوب عليك ما أخذت الدنيا وفيما أنفقته فاعمل على حسب هذا ، فإنك مسؤول عنه . لو رأيت ما وعدت الصالحين لزهقت نفسك . فكان عيسى عليه السلام يقول : حلاوة الدنيا مرارة الآخرة وجودة الثياب خيلاء القلب يعني إعجابه وكبره وملء البطن جمام النفس يعني قوتها واجتماعها . بحقّ أقول لكم : لكما لا يلذ المريض بطيب الطعام كذلك لا يجد حلاوة العبادة من أحبّ الدنيا . ومن الزهد في الدنيا ترك الملبس الناعم والمنظور إليه المرتفع واجتناب النزهات من لطائف الطعام والتفتق في الشهوات التي يرغب فيها المتنعمون وترك الزينة والمفاخر من الآلة والأثاث الذي يستأنس فيه المترفون . ومن الزهد أن يكون الشيء الواحد يستعمل في أشياء كثيرة . كذلك كان سيرة السلف في الأثاث وهو التقلَّل ، كما أن أبناء الدنيا يستعملون للشيء الواحد أشياء كثيرة ، وهو وصف من التكاثر وذلك من أبواب الدنيا . وقال بعض السلف : أول النسك الزي . وقال بعض العلماء : من رقّ ثوبه رقّ دينه .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : لا يشبه الزيّ الزيّ حتى يشبه القلب القلب .
وفي الخبر المشهور : البذاذة من الإيمان قيل : هو التقارب في اللباس . والحديث المفسر من ترك ثوب جمال وهو يقدر عليه تواضعا لله تعالى خيّره الله تعالى من حلل الإيمان أيها شاء . وفي لفظ آخر : من ترك زينة لله تعالى ووضع ثيابا حسنة تواضعا لله تعالى وابتغاء وجهه كان حقا على الله تعالى أن يدّخر له من عبقريّ الجنة في تخات الياقوت . ولما أتى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم أهل قباء أتوه بشربة من لبن مشوبة بعسل . فوضع القدح من يده قال أما أني لست أحرمه ولكني أتركه تواضعا لله تعالى وأتى عمر رضي الله عنه بشربة من ماء بارد وعسل في يوم صائف فقال : اعزلوا عني حسابها . وأوحى الله تعالى إلى نبيّ من أنبيائه : قل لأوليائي : لا تلبسوا ملابس أعدائي ولا تدخلوا مداخل أعدائي فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي . ولما خطب بشر بن مروان على منبر الكوفة قال بعض الصحابة :
انظروا إلى أميركم يعظ الناس وعليه ثياب الفساق قلت : وما كان عليه ، ثياب رقاق . وجاء عامر بن عبد الله بن ربيعة إلى أبي ذر رضي الله عنه في بزتّه فجعل يتكلم في الزهد فوضع أبو ذر راحته على فيه وجعل يضرط به فغضب عامر فأتى ابن عمر رضي الله عنهما فقال :
ألم تر ما لقيت من أخيك أبي ذر قال وما ذاك ؟ قال : جعلت أقول في الزهد فأخذ يهزأ بي فقال ابن عمر : أنت صنعت بنفسك تأتي أبا ذر في هذه البزة وتتكلم في الزهد .

451

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 451
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست