responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 450


السلام الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة أي الإبل كثيرة والراحلة التي تجمع هذه الأوصاف الخمسة من الإبل قليل وهي العشار التي ذكر الله تعالى في قوله : * ( وإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ ) * [ التكوير : 4 ] أي تركها أهلها وهربوا لهول قيام الساعة شغلا بنفوسهم عنها قال :
فأعرض عنها رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وغض بصره فقيل له : يا رسول الله هذه أنفس أموالنا لما تنظر إليها ؟ فقال : قد نهاني الله تعالى عن ذلك . ثم تلا هذه الآية : * ( لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ) * [ الحجر : 88 ] . وفي حديث عمر رضي الله عنه : لما نزلت هذه الآية : * ( والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والْفِضَّةَ ) * [ التوبة : 34 ] . قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : تبا للدينار والدرهم قال : فقلنا نهانا الله تعالى عن كنز الذهب والفضة فأي شيء ندخر فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : ليتخذ أحدكم لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا وزوجة صالحة تعينه على أمر الآخرة وفي حديث حذيفة عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم من آثر الدنيا على الآخرة ابتلاه الله تعالى بثلاث همّا لا يفارق قلبه أبدا وفقرا لا يستغنى أبدا وحرصا لا يشبع أبدا .
وروينا حديثا مرسلا عن علي بن معبد عن علي بن أبي طلحة قال : قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم : لا يستكمل العبد الإيمان حتى يكون أن لا يعرف أحبّ إليه من أن يعرف ، وحتى يكون قلة الشيء أحبّ إليه من كثرة الشيء . وروينا عن عيسى عليه السلام : الدنيا قنطرة خلقت يعبر عليها إلى الآخرة فاعبروها ولا تعمروها . وقال له رجل : احملني معك في ساحتك فقال : أخرج مالك والحقني قال : لا أستطيع فقال عيسى عليه السلام بشدة :
يدخل الغني الجنة أو قال بعجب : وقالوا له : لو أمرتنا يا نبي الله أن نبني بيتا نعبد الله فيه فقال : اذهبوا فابنوا بيتا على الماء قالوا : كيف يستقيم بنيان على الماء قال : فكيف تستقيم عبادة على حبّ الدنيا وقال : لا يبلغ أحدكم حقيقة الإيمان حتى لا يحبّ أن يحمد بعبادة الله تعالى ولا يبالي من أكل الدنيا . وكان بشر بن الحارث يقول : لا تحسن التقوى إلا بزهد وقال مرة : العبادة لا تليق بالأغنياء مثل العبادة على الغني مثل روضة على المزبلة ، ومثل العبادة على الفقير مثل عقد الجوهر في جيد الحسناء . وقد استنبطنا ذلك من كتاب الله تعالى فمعنى وصف الفقراء في العبادة في قوله سبحانه وتعالى : * ( لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا في سَبِيلِ الله ) * [ البقرة : 273 ] ثم قال : * ( تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً ) * [ الفتح : 29 ] فحسنت لبسة العبادة عليهم لحسن سيماهم بالفقر . وروينا في وصية لقمان لابنه وهو يحذّره مداخل العدو قال : وإذا جاءك من قبل الفقر فأخبره أن الغني من أطاع الله تعالى والفقير من انتهك معصيته وإذا شهى إليك الغنى فأخبره أنه لا يحسن جمع الغنى والقراءة . وقال بعض السلف : أبى أهل العلم باللَّه تعالى أن يسمعوا الحكمة والوعظ إلا من الزاهدين في الدنيا وقالوا : ليس أهل الدنيا لذلك أهلا ولا يليق بهم .

450

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 450
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست