نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 430
وفي خبر : ما نظر إليها منذ خلقها . يقول لها : اسكتي يا لا شيء أنت وأهلك إلى النار . وفي الخبر : يقول الله تعالى : يوم القيمة للدنيا ميّزوا ما كان منها لي وألقوا سائرها في النار . وكذلك روينا في الأثر : الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى وما والاه . وفي لفظ آخر : فمثل الدنيا مثل إبليس خلقه الله تعالى للعبد واللعنة ليبتليه ويبتلي به ، ويهلكه ويهلك به ، وقد شهد ذلك بعض المكاشفين فقال : رأيت الدنيا في صورة جيفة ورأيت إبليس في صورة كلب وهو جاثم عليها ، ومناد ينادي من فوق : أنت كلب من كلابي ، وهذه جيفة من خلقي وقد جعلتها نصيبك مني . فمن نازعك شيئا منها فقد سلطتك عليه فجاء من هذا أنها مكانه فمن تمكَّن في شيء منها تسلَّط العدو بالمكانة منه بقدر ما أصاب منها وقد كوشف بها بعض الأولياء في صورة امرأة ورأى أكفّ الخلق ممدودة إليها هي تجعل في أيديهم شيئا . قال : فقلت له ما هو قال قال شيء يلتذ وطائفة تمرّ عليها مكتوفي الأيد تعطيهم شيئا وكوشف بها مورق العجلي في صورة عجوز شمطاء دندانية مسمجة عليها ألوان المصبغات وأنواع الزينة قال : فقلت أعوذ باللَّه منك فقالت : إن أردت أن يعيذك الله تعالى مني فابغض الدرهم . وكذلك جاء في الخبر : الدنيا موقوفة منذ خلقها الله تعالى بين السماء والأرض لا ينظر إليها فتقول يوم القيامة : يا ربّ اجعلني لأدنى أوليائك نصيبا اليوم فيقول : اسكتي يا لا شيء أنا لم أرضك لهم في الدنيا أرضاك لهم اليوم وقال بعض السلف الدنيا دنيئة وأدنى منها قلب من يحبّها . وروي عن عليّ كرّم الله وجهه : الدنيا جيفة ، فمن أرادها فليصبر على مزاحمة الكلاب . وفي أخبار موسى عليه السلام : إن لم تلق الفقير بمثل ما تلقى به الغني فاجعل كل علم علمتك تحت التراب وإذا رأيت الفقر مقبلا فقل : مرحبا بشعار الصالحين وإذا رأيت الغنى مقبلا فقل : ذنب عجلت عقوبته . وقال إمامنا أبو محمد رحمه الله تعالى وروينا عن بعض علمائنا في أخبار داود عليه السلام : إني خلقت محمدا لأجلي وخلقت آدم لأجل محمد وخلقت ما خلقت لأجل ولد آدم . فمن اشتغل منهم بما خلقته لأجله حجبته عني ومن اشتغل منهم بي سقت إليه ما خلقته لأجله . وكان يقول : الصديقون في بداياتهم طلبوا الدنيا من الله تعالى فمنعهم فلما تمكَّنوا من أحوالهم عرضها عليهم فامتنعوا منها . وكان عيسى عليه السلام يقول للدنيا : إليك عني يا خنزيرة . وقد روينا هذا القول عن يزيد بن ميسرة ، وكان من علماء الشام قال : كان أشياخنا يسمّون الدنيا خنزيرة ولو وجدوا لها اسما شرّا من هذا سموها به قال : وكانت إذا أقبلت على أحدهم الدنيا قال لها : إليك عنّا يا خنزيرة . لا حاجة لنا بك إنّا قد عرفنا إلهنا عزّ وجلّ معناه قد عرفناه بلا ابتلاء
430
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 430