responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 421


منهم إلى مشيئته ، ولا استلام لقدرته ، ولا تأميل لأحد معاني صفاته الحسني التي تعم جميع صفاتهم السوأى ، فظهرت سيئاتهم الثواني أمامهم ، فحجبتهم عن المحسن الأول ، ولم يعلموا أنهم بإحسانه إليهم أساؤا ، وبسبق علمه فيهم تعدوا ، وإن قلمه لم يكن بأيديهم إذ جرى بما عليهم ، وإن قهر قدرته وسلطان جبره أظهر منهم من خزائنه ما فيهم ، يدلك على صحة ما ذكرناه أن أكثر هذه المخاوف كانت في البصريين ، وأهل عبادان والعسكريين ، فكان مذهبهم القدر ، والقول باللطف ، وتفويض المشيئة وتقديم الاستطاعة .
منهم العمرية أصحاب عمرو ، والعبادية شيعة عباد ، والفوطية والعطوية أصحاب هشام الفوطي ، وابن عطاء الغزالي .
ومنهم التيمية نفوا نصف القدر . ومنهم المنازلية أصحاب المنزلة بين المنزلتين ، والقول بمقدور من قادرين ، وفعل من فاعلين ، فابتلوا بالاعتماد على الأسباب ، وبالنظر إلى أولية الاكتساب فحجبهم ذلك عن المقدر الوهاب ، فهرب هؤلاء من الأمن والاغترار ، فوقعوا في أعظم منهما من القنوط والإياس ، فصاروا في كبائر المعاصي من خوفهم منها .
فمثلهم مثل الخوارج ، خرجوا على الأئمة بالسيف لإنكار المنكر فوقعوا في أنكر المنكر من تكفير الأئمة ، وإنكارهم السلطان ، وتكفيرهم الأمة بالصغائر ، وهذا من أبدع البدع ، وهؤلاء كلاب أهل النار .
ومثلهم أيضا مثل المعتزلة ، هربوا من طريق المرجئة أن الموحدين لا يدخلون النار ، فحققوا الوعيد على الموحدين ، وخلدوا الفاسقين في النار ، فجاوزوا حد المرجئة وزادوا عليهم ، كما جاوزت المرجئة طريق أهل السنة وقصرت عنهم .
وكان شيخنا أبو محمد رحمه الله تعالى يقول : أهل البدعة كلهم يرون الخروج على السلطان ، ويرون السيف على الأمة ، ويكفرون الأئمة ، فهذا أضر الوجوه في مجاورة الخوف عن قدره ، وهو من التعدي لحدود الله تعالى وأمره * ( قَدْ جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً - ومن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) * [ الطلاق : 3 ] .
فصدق الرجاء واعتدال الخوف به من حقيقة العلم باللَّه تعالى ، ومجاوزة الشيء كالتقصير عنه ، والمؤمن حقا هو المعتدل بين الخوف والرجاء . فالخوف المتلف للنفس بالموت ، أو المزيل للعقل بالفوت خير من هذا الوصف الذي هو القنوط ، لأن هذا مزيل للعلم ، ومسقط للمقام ، موقع في الكبائر .

421

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 421
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست