responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 420


وقال الله تعالى : * ( وخَرَّ مُوسى صَعِقاً ) * [ الأعراف : 143 ] وقد يفيض الخوف من القلب إلى النفس فيحرق الشهوات ويمحو العادات ويخمد الطبع ويطفئ شعل الهوى وهذا أحد المخاوف وأعلاها عند أهل المعارف . وهؤلاء أفضل الخائفين وأرفعهم مقاما ، وهو خوف الأنبياء الصدّيقين وخصوص الشهداء . وليس فوق هذا وصف يغبط عليه الخائف ولا يفرح به عارف . فإن جاوز الخوف هذه الأوصاف فقد خرج من حدّه وجاوز قدره لأنه إذا أحرق الشهوات ومحا الأهواء فلم يترك شهوة ولا هوى ثم إن لم يعصم العبد من مجاوزة حدّ الخوف خرج به الخوف إلى أحد ثلاثة معان خيرها أن يسري إلى النفس فيحرقها فيتلف العبد فتكون له شهادة . وليس هذا محمودا عند علماء الخائفين من أرباب العلوم والمشاهدات . إلا أنه قد قال بعض العلماء ما شهداء بدر بأعظم أجرا ممن مات وجدا ، وهذه أوصاف ضعاف المريدين إذ للعلماء الموقنين بكلّ شهادة من اليقين أجر شهيد وأوسطها أن يعلو إلى الدماغ فيدنيه فتنحلّ عقدة العقل لذويه فتضطرب الطبائع لانحلال عقدة العقل ثم تختلط المزاجات لاضطرابها فتحترق الصفراء فتحول سوداء فيكون من ذلك الوسواس والهذيان والتوهله ، وذلك أن الدماغ جامد وهو مكان للعقل هو مركب عليه معقود به فإذا اختلطت المزاجات اشتعلت فتلهب شعلها إلى الدماغ فأحرقه وأذابه ، فحل محل العقل الذي مكانه مخ الدماغ وسلطانه صقال القلب الظاهر كصقال الرقعة ، وهو بمنزلة الشمس الطالعة ، محلها الفلك العلوي ، وشعاعها على الأرض ، كذلك العقل محله المخ ، وسلطانه في القلب ، وفي هذا المقام الطيش والهيمان ، وهذا مكروه عند العلماء ، وقد أصاب ذلك بعض المحبين في مقام المحبة فانطبق عليهم فولهوا بوجوده ، ومنهم من فزع ذلك عن قلوبهم فسرى عنهم فنطقوا بعلمه .
وقد كان أبو محمد رحمه الله تعالى يقول لأهل التقلل الطاوين المتقشفين :
احفظوا عقولكم ، فإنه لم يكن ولى الله ناقص العقل .
والمعنى الثالث وهو شرها في مجاوزة الخوف ، هو أن يعظم ويقوى ، فيذهب الرجاء إذا لم يواجه بعلم الأخلاق من الجود والكرم والإحسان التي تعدل المقام ، فتروح كروب الحال فيخرجه ذلك إلى القنوط من رحمة الله ، والإياس من روح الله تعالى ، دخلت عليهم هذه المشاهدة من قبل العدل والإنصاف بمعيار العقل فجاوزت بهم علم وصفه بالكرم ، وخفى الألطاف ، فتعدت بهم الحدود من قبل قوة نظرهم إلى الاكتساب ، وتمكن تحكم شهادة الأسباب ، ورجوعهم إلى أنفسهم في الحول والاستطاعة ، وإثباتهم لتحقيق الوعيد عليهم خاصة لا محالة ، والحكم علي الحاكم الراحم بعقولهم وعلومهم ، من غير تفويض

420

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 420
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست