responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 411


مما طلعت عليه الشمس في حياتي أجعله في سبيل الله تعالى .
وحدثني بعض إخواني الصادقين وكان خائفا أنه أوصى بعض إخوانه فقال : إذا حضرتني الوفاة فاقعد عند رأسي فإذا عاينت فانظر إليّ فإن رأيتني متّ على التوحيد فاعمد إلى جميع ما أملكه فاشتر به لوزا وسكرا وانثره على صبيان أهل المدينة وقل : هذا عرس المنفلت ، وإن رأيتني متّ على غير التوحيد فأعلم الناس أني قد متّ على غير التوحيد حتى لا يغتروا بشهود جنازتي ليحضر جنازتي من أحبّ على بصيرة لئلا يلحقني الرياء فأكون قد خدعت المسلمين فقلت : ومن أين أعلم أنك قد متّ على التوحيد ؟ فذكر له علامة تظهر من بعض الأموات لم نحبّ ذكرها . قال : فكنت عند رأسه أنظر إليه كما أمر ، حتى أعاين فرأيت علامة حسن الخاتمة وأمارة الموت على التوحيد قد ظهرت وفاضت روحه . قال : فنفّذت وصيتّه كما أمر ولم أحدّث بذلك إلا خصوص إخواني من العلماء ، وذلك أن العبد مهما عمل في حياته من سوء أعيد ذكره عليه عند فراق الحياة ووقعت مشاهدته فيه عند آخر ساعة من عمره . فإن استحلى ذلك بقلبه أو استهواه بنفسه وقف معه فإذا وقف معه حسب عليه عملا له وإن قل وكان ذلك خاتمته وكذلك ما عمل من خير أعيد ذكره ومشاهدته عليه فإن عقد عليه بقلبه أو أحبّ وقف معه فحسب عملا له وكان ذلك حسن خاتمته .
وقال بعض هذه الطائفة في قول الله تعالى : * ( خَلَقَ الْمَوْتَ والْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ ) * [ الملك : 2 ] قال : يبلوكم بتقليب القلوب في حال الحياة بخواطر الذنوب وفي حال الموت بإلحاد عن التوحيد . فمن خرجت روحه على التوحيد وجاوزت البلاوي كلها إلى المبلى فهو المؤمن وذلك هو البلاء الحسن . كما قال الله تعالى : * ( ولِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً ) * [ الأنفال : 17 ] فهذه المعاني من العلوم أوجبت خوف الخائفين من علم الله تعالى فيهم فلم ينظروا معها إلى محاسن أعمالهم لحقيقة معرفتهم بربهم ، وهذا الخوف هو الثواب لعلمهم بما يعلمون . فلما سلموا من مطالبة بما يعملون وصحوا على العلم ظهر لهم خوف علم الله تعالى فيهم نعمة من الله تعالى عليهم . فكان ذلك مقاما لهم . كما قال الله تعالى : * ( قالَ رَجُلانِ من الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمَا ) * [ المائدة : 23 ] قيل بالخوف .
والمقام الآخر لأصحاب اليمين دون هؤلاء ، خوف الجنايات والاكتساب ، وخوف الوعيد وسرّ العقاب ، وخوف التقصير في الأمر وخوف مجاوزة الحدّ وخوف سلب المزيد ،

411

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 411
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست