نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 410
وقد كان أبو محمد سهل رحمه الله يقول : خوف الصديقين من سوء الخاتمة عند كل حركة ، وكل خطرة وهمة ، يخافون البعد من الله تعالى ، وهم الذين مدح الله تبارك وتعالى : « وقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ » وقال لا يصح خوفه حتى يخاف من الحسنات كما يخاف من السيئات . وقال أيضا : أعلى الخوف أن يخاف سابق علم الله تعالى فيه ، ويحذر أن يكون منه حدث خلاف السنة يجره إلى الكفر . وقال : خوف التعظيم ميزان خوف السابقة . وكان بعض العارفين يقول : لو كانت الشهادة على باب الدار والموت على الإسلام عند باب الحجرة لاخترت الموت على الشهادة . قيل ولم ؟ قال : لأني لا أدري ما يعرض بقلبي من المشاهدة فيما بين باب الحجرة وباب الدار فيغير التوحيد . وروينا عن زهير بن نعيم الباني قال : ما أكبر همي ذنوبي ، إنما أخاف ما هو أعظم عليّ من الذنوب وهو أن أسلب التوحيد ، وأموت على غيره . وروي ابن المبارك عن أبي لهيعة عن بكر بن سوادة قال : كان رجل يعتزل الناس أينما كان يكون وحده فجاء أبو الدرداء فقال : أنشدك الله تعالى ما يحملك على أن تعتزل الناس ؟ قال : إني أخشى أن أسلب ديني وأنا لا أشعر . قال : أ ترى في الحي مائة يخافون ما تخاف ؟ فلم يزل ينقص حتى بلغ عشرة قال : فحدثت بذلك رجلا من أهل الشام فقال ذلك شرحبيل بن سمط يعني من أصحاب النبي صلَّى الله عليه وسلم وقد كان أبو الدرداء يحلف باللَّه تعالى ويقول : ما أحد أمن على إيمانه أن يسلبه عند الموت إلا سلبه . وقد كان بعض علمائنا يقول : من أعطى التوحيد أعطيه بكماله ، ومن منعه منعه بكماله إذا كان التوحيد في نفسه لا يتبعض . ولما احتضر سفيان الثوري رضي الله عنه جعل يبكي ويجزع فقيل له : يا أبا عبد الله عليك بالرجاء فإن عفو الله أعظم من ذنوبك فقال : أو على ذنوبي أبكي ؟ لو علمت أني أموت على التوحيد لم أبال أن ألقى الله تعالى بأمثال الجبال من الخطايا . وقال مرة : ذنوبي أهون من هذه ورفع حبة من الأرض إنما أخاف أن أسلب التوحيد في آخر الوقت . وقد كان رحمه الله أحد الخائفين ، كان يبول الدم من شدة الخوف ، وكان يمرض المرضة من المخافة ، وعرض بوله على بعض الكتابيين فقال : هذا بول راهب من الرهبان وكان يلتفت إلى حماد بن سلمة فيقول : يا أبا سلمة ترجو لمثلي العفو أو يغفر لمثلي ؟ فيقول له حماد : نعم أرجو له . وقد كان بعض العلماء يقول : لو أني أيقنت أن يختم لي بالسعادة كان أحبّ إليّ
410
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 410