نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 409
وإن العبد عند موته في آخر ساعة من عمره يكشف له عند كشف الغطاء عن بصره وجوه كثيرة قد اتخذت آلهة من دون الله أو أشرك بها مع الله تعالى وكلها تزيين وغرور فإن وقف القلب مع أحدها ، أو زين له بعضها أو تقلب قلبه في شيء منها عند آخر أنفاسه ختم له بذلك ، فخرجت روحه على الشك أو الشرك ، وهذا هو سوء الخاتمة ، وهو نصيب العبد من الكتاب في السابقة عند خلق الأرواح ، معدومة لها في الأشباح في الآباد والآزال قبل إظهار الأكوار والأدوار ، فشهدتها الأرواح هناك غرورا ، ووقفت معها وقد زادت لها زورا رسوم في القلب في التخليط قبل خلق الأجسام لها ، وقبل حجبها بكشف الهياكل عند ظهورها في الوجود ، وقبل إقامتها بشاهد العقل ، لكن بشاهد الأولية بدت ، وبمعنى القيومية وجدت ، وبوصف الجامع جمعت ثم فرقت هاهنا ، فظهرت الآن عند الفراق ، لما كانت شهدت في التلاق ، واعترفت في الآخر بما كانت نطقت في الأول وخرجت الروح على ما شهدت ، وهذا كان خبر السابقة التي أدركت الأرواح المرافقة لها في الأجسام عند الخاتمة . ومن ذلك جاء في الأثر : « يأخذ ملك الأرحام النطفة في يده فيقول : يا رب أذكر أم أنثى ؟ أ سوي أم معوج ، ما رزقه ، وما عمله ؟ ما أثره ما خلقه ؟ قال : ثم يخلق الله تعالى على يده كما قال : فإذا صورة قال : يا رب انفخ فيه بالسعادة أو بالشقاوة » فلذلك خرجت الروح بما دخلت به * ( فَأَمَّا إِنْ كانَ من الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ ورَيْحانٌ وجَنَّةُ نَعِيمٍ وأَمَّا إِنْ كانَ من أَصْحابِ الْيَمِينِ . فَسَلامٌ لَكَ من أَصْحابِ الْيَمِينِ . وأَمَّا إِنْ كانَ من الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ من حَمِيمٍ . وتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ) * [ الواقعة : 88 - 94 ] * ( كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ ) * [ الأعراف : 29 ] * ( كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ) * [ الأنبياء : 104 ] * ( ولَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها ولكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي ) * [ السجدة : 13 ] وقال سبحانه وتعالى : * ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى ) * [ الأنبياء : 101 ] * ( إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ ) * [ يونس : 96 ] * ( ولَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً من الْجِنِّ والإِنْسِ ) * [ الأعراف : 179 ] * ( ولَهُمْ أَعْمالٌ من دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ ) * [ المؤمنون : 63 ] * ( وبَدا لَهُمْ من الله ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ) * [ الزمر : 47 ] * ( إِنَّ في هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ ) * [ الأنبياء : 106 ] فهذه الآي ونظائرها وردت في السوابق الأول والخواتم الآخر ، وفيها سرائر الغيوب وغرائب الفهوم ، وهي من آي المطلع لأهل الإشراف على شرفات العرش والأعراف . وقال بعض العارفين : لو علمت أحدا على التوحيد خمسين سنة ثم حالت بيني وبينه أسطوانة فمات لم أقطع له بالتوحيد ، لأني لا أدري ما ظهر من التقليب .
409
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي جلد : 1 صفحه : 409