responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 408


وقد ستر ذلك وعطاه بسعة رحمته وحلمه وكثيف ستره وفضله وسيخرج ذلك الخباء يوم تبلى السرائر عند غضبه وعظيم سطوته ، فما له من قوة ، من عمل ، ولا ناصر من علم لا قوّة له فينتصر بها ، لأن النصرة عزّة وهو ذليل ، ولا ناصر ، لأن الناصر هو الخاذل والمقوّى هو المضعف . فما أسوأ حال من لا ينصر نفسه ، وليست له من مولاه صحبة ، ولو صحبه لنصره ، ولو نصره لأعزه ولو وليه لهرب منه عدّوه .
قال تعالى : * ( لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ ولا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ ) * [ الأنبياء : 43 ] وقال تعالى : * ( قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ في السَّماواتِ والأَرْضِ ) * [ الفرقان : 6 ] الآية .
فمن حكمته غفره ومن رحمته ستره . وقال تعالى : * ( يُخْرِجُ الْخَبْءَ في السَّماواتِ والأَرْضِ ويَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وما تُعْلِنُونَ ) * [ النمل : 25 ] ، فهذه العلوم التي ذكرناها توجب حقائق المخاوف ، وهي من سرّ الملك وخباء الملكوت .
على أن للعبد عند الموت علامات ليس يخفى على العارف بسوء الخاتمة بها لمشاهدته لها وللأحياء علامات عند المكاشفين على الاطلاع يعرفون بها سوء الخاتمة منهم ، وهذا علم مخصوص به : من أقيم مقام مقامات المكاشفات عن مشاهدة حقيقة من ذات ، وهو سرّ علام الغيوب عند من أطلعه عليه من أهل القلوب ، لأن الكشف يتنوّع أنواعا من المعاني ، فمنه كشف معاني الآخرة ، ومنه كشف بواطن الدنيا ، ومنه الاطلاع على حقائق الأشياء المستورة لظواهر الأحكام ، فهذا من سر الملكوت ، ومن معاني كشوف الجبروت .
وقد جاء في خبر « القدر سر الله فلا تفشوه » فهذا خطاب لمن كوشف به . وفي خبر آخر « ستر الله فلا تكشفوه » فهذا خطاب لمن لم يكاشف به ، وهذا نهي عن السؤال عنه ، وهو داخل في قوله تعالى * ( ولا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ به عِلْمٌ ) * [ الإسراء : 36 ] أي لا تتبع نفسك علم ما لم تكلف ، ولا تسأل عما لم يجعل من علمك ولم يوكل إليك ، ولأنه إذا علمه لم ينفعه علمه شيئا ، وإنما ينفعه علم الأحكام والأسباب ، لأنها طرقات ، وبمثل مخاطبة المؤمنين خاطب أنبياءه عليهم السلام في هذا المعنى في قوله تعالى لنوح عليه السلام حين قال : * ( إِنَّ ابْنِي من أَهْلِي وإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ ) * [ هود : 45 ] لأنه قد كان وعده نجاة أهله فقال سبحانه وتعالى : * ( إِنَّهُ لَيْسَ من أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ به عِلْمٌ ) * [ هود : 46 ] أي دعاءك ومسألتك لي ما لم أجعله من علمك ولم أكله إليك عمل غير صالح ، فعندها استغفر ربه واسترحمه .

408

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 408
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست