responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 405


الحاكم في الحالين ، لأنه حاكم عليه ولا حكم يلزمه فيه ، لأنه قد جاز العلوم والعقول التي هي أماكن للحدود من الأمر والنهي ، وفات الرسوم والمعقول التي هي أواسط الأحكام والأقدار .
وفي مشاهدة ما ذكرناه علم دقيق من علوم التوحيد ، ومقام رفيع من أحوال التوحيد وبمثل هذا المعنى وصف صفيه موسى في قوله تعالى * ( فَأَوْجَسَ في نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى ) * [ طه : 66 ] بعد قوله تعالى * ( لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما ) * [ طه : 46 ] الآية . فلم يأمن موسى أن يكون قد أسر عنه في غيبه ، واستثنى في نفسه سبحانه ما لم يظهره له في القول ، لمعرفة موسى عليه السلام بخفي المكر وباطن الوصف ، ولعلمه أنه لم يعطه الحكم إذ هو محكوم عليه مقهور ، فخاف خوفا ثانيا حتى أمنه أمنا ثانيا بحكم ثان ، فقال : * ( لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلى ) * [ طه : 68 ] فاطمأن إلى القائل ولم يسكن إلى الإظهار الأول ، لعلمه بسعة علمه أنه هو علام الغيوب التي لا نهاية لها ، ولأن القول أحكام والحاكم لا تحكم عليه الأحكام كما لا تعود عليه الأحكام ، وإنما تفصل الأحكام من الحاكم العلام ، ثم تعود على المحكومات أبدا ، ولأنه جلت قدرته لا يلزمه ما لزم الخلق الذي هم تحت الحكم ، ولا يدخل تحت معيار العقل والعلم ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا . عند من عرفه فأجله وعظمه عن معارف من جهله .
ومن هذا قول عيسى عليه السلام من قوله تعالى : * ( إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما في نَفْسِي ولا أَعْلَمُ ما في نَفْسِكَ ) * [ المائدة : 116 ] لما قال له : * ( أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّي إِلهَيْنِ من دُونِ الله ) * [ المائدة : 116 ] ومثل هذا قوله في يوم القيامة * ( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ ) * [ المائدة : 118 ] فجعلهم في مشيئة لعزته وكحمته ولا يصلح أن نكشف حقيقة ما فصلناه في كتاب ، ولا ينبغي أن نرسم ما رمزناه من الخطاب خشية الإنكار ، وكراهة تفاوت علم أهل المعقول والمعيار إلا أن يسأل عنه من أقيم فيه وأريد به من ذوي القوة والإبصار ، فينقل من قلب إلى قلب ، فحينئذ يتلوه شاهد منه ، أو يكشفه علام الغيوب في سرائر القلوب بوحي الإلهام ، ويقذفه بنور الهدى للإعلام ، والله الموفق لمن شاء من العباد ، لما شاء من الحيطة بالعلم وهو الفتاح العليم إذا فتح القلب علمه وإذا نوره بالقين ألهمه .
ومن خوف العارفين علمهم بأن الله تعالى يخوف عباده بمن شاء من عباده الأعلين ، يجعلهم نكالا لأدنين ويخوف العموم من خلقه بالتنكيل ببعض الخصوص من عباده حكمة له وحكما منه .

405

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 405
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست